حقوق الطفل في الإسلام
فضيلة الشيخ عدنان بن عبد الله القطان
20 جمادى الأولى 1446هـ – 22 نوفمبر 2024 م
الحمد لله الذي جعل للطفولة من شرعه ميثاقاَ، وهيأ لها قلوباً غمرها مودة ورأفة ووفاقاً، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، أبدع الكون بقدرته، وشمل العباد برحمته، وسوى خلقهم بحكمته، ونشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبده ورسوله، كان خير الناس لأهله، وأجمع العباد لشمله، صلى الله وسلم وبارك عليه، وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.
أمّا بعد: فيا عباد الله أوصيكم ونفسي بتقوى الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)
معاشر المسلمين: إن الله تعالى الذي خلق فسوى، والذي قدر فهدى، بث في قلوب خلقه المودة والرحمة، نحو من يلدون ومن ينجبون، وجعل دينه القيم شرائع وأحكاماً، وهب من خلالها للطفولة حقوقاً، لم يعرفها الإنسان من قبل، ولن يصل درجتها من بعد، فشريعة الخالق تأتي كجلاله وكماله في العظمة والكمال؛ لأنه العالم بخلقه، الخبير بما يحتاجون وبما ينتفعون (أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُو اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ).. وهو الذي بيده ملكوت كل شي، وهو المتصرف، وهو المانح والواهب، يقول جل جلاله (لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ * أَو يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَاناً وَإِنَاثًاً، وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيماً إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِير) من أجل ذلك عباد الله: اعتنى الإسلام بالطفل، من قبل وجوده؛ فهيأ له أسرة طيبة، تتكون من والد تقي، ووالدة صالحة، فحث رسول الله صلى الله عليه وسلم الزوجة وأهلها بقوله: (إِذَا خَطَبَ إِلَيْكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ دِينَهُ وَخُلُقَهُ فَزَوِّجُوهُ، إِلَّا تَفْعَلُوا تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ عَرِيضٌ) وحث الزوج بقوله صلى الله عليه وسلم: (تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ لِأَرْبَعٍ : لِمَالِهَا، وَلِحَسَبِهَا، وَلِجَمَالِهَا، وَلِدِينِهَا، فَاظْفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَدَاكَ). وحث كذلك جميع المسلمين والمسلمات، فقال صلى الله عليه وسلم: (َتخَيَّرُوا لِنُطَفِكُمْ، فَانْكِحُوا الْأَكْفَاءَ وَأَنْكِحُوا إِلَيْهِمْ) وقال: (تخيّروا لِنُطَفِكُم فإنّ العرقَ دسّاس) كل ذلك من أجل تنشئة الطفل بين أبوين كريمين يهتديان بشرع الله، ويرسمان الطريق السوية لحياة الأبناء؛ فأول حق للطفل، أن يوفق الله أبويه لحسن اختيار أحدهما للآخر، فإذا تم الاختيار، توجه الأبوان الصالحان بالدعاء، في خشوع وإنابة، إلى ولي الصالحين: (رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً)… وحث الإسلام على حفظ حق الطفل من الشيطان قبل أن يولد، ففي المعاشرة الزوجية، لم ينس النبي صلى الله عليه وسلم حق الطفل فقال: (لَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَأْتِيَ أَهْلَه فَقَالَ: بِسْمِ اللَّهِ اللَّهُمَّ جَنِّبْنَا الشَّيْطَانَ وَجَنِّبْ الشَّيْطَانَ مَا رَزَقْتَنَا، فَإِنَّهُ إِنْ يُقَدَّرْ بَيْنَهُمَا وَلَدٌ فِي ذَلِكَ، لَمْ يَضُرُّهُ شَيْطَانٌ أَبَداً)
فإذا تكوّن الطفل في الرحم أعد الله له فائق الرعاية والعناية، وحرّم الاعتداء عليه، يقول الله جل جلاله: (وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ، نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ)
وأجاز لأمه أن تفطر في رمضان؛ رحمة ورأفة بها، وتمكيناً له من أحسن ظروف النمو وتمام الخلق، فإذا حل الطفل بأرض الحياة، جعله الله بهجة وزينة في قلوب من حوله، يقول الله تعالى: (الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا).. وأحسن استقباله، فكان من سنة النبي صلى الله عليه وسلم، أن يؤذن بالصلاة في أذن المولود: فعَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَذَّنَ فِي أُذُنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ بِالصَّلَاةِ حِينَ وَلَدَتْهُ فَاطِمَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا) وفي ذلك عباد الله: حكم متعددة منها: أن تنغرس كلمة الله أكبر في أعماقه، فينشأ عليها، وترسخ فيه شهادة أن لا إله إلا الله؛ فتكون مفتاح دخوله إلى الدنيا، وخاتمة خروجه منها، فيعيش موحداً، معظماً لله، ذاكراً له أناء الليل وأطراف النهار… عباد الله: ومن هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم: تحنيك المولود، جاء في الصحيح عن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه حمل أخاً له من أمه أم سليم رضي الله عنها وَبَعَثَتْ مَعَهُ بِتَمَرَاتٍ فَأَخَذَهُ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: (أَمَعَهُ شَىْءٌ). قَال نَعَمْ تَمَرَاتٌ. فَأَخَذَهَا النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم فَمَضَغَهَا ثُمَّ أَخَذَهَا مِنْ فِيهِ فَجَعَلَهَا فِي فِيِّ الصَّبِيِّ ثُمَّ حَنَّكَهُ وَسَمَّاهُ عَبْدَ اللَّهِ، وهو الصحابي الكبير عبد الله بن أبي طلحة رضي الله عنه. والتحنيك: هو أخذ تمرة وتليينها داخل الفم، ثم وضعها في فم المولود وتحريكها يميناً وشمالاً، مروراً بين الفكين، وعلى مواضع خروج الأسنان، وصولاً إلى أعلى الحلق.
عباد الله: وللطفل الحق في التمتع بنسبه الصحيح، وليس لأحد حرمانه من ذلك لمجرد شبهة عرضت اليه. فقد جاء رجل إلى النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فقال: إنَّ امرأتي ولَدتْ غلاماً أسودَ فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: (هل لك مِن إبلٍ)؟
قال: نَعم قال: (فما ألوانُها)؟ قال: حُمْرٌ، قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( فهل فيها مِن أورقَ) أي مائل إلى السمرة، فقال الرجل: إنَّ فيها لَوُرْقًاً قال: ( فأنَّى تراه ذلك جاءه) فقال: عسى أنْ يكونَ نزَعه عِرقٌ، فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: (وهذا عسى أنْ يكونَ نزَعه عِرقٌ )
أيها الإخوة والأخوات في الله: إن مواثيق حقوق الطفل الدولية لم تشر إلى حق الطفل في أن يكون نتيجة علاقة طبيعية بين رجل وامرأة، وهذه العلاقة الشرعية هي الزواج التي تكفل للطفل حياة كريمة، وتلزم والديّ هذا الطفل برعايته والعناية به والإنفاق عليه. وكان من نتاج إهمال هذا الجانب المهم أن أهدرت حقوق ملايين الأطفال اللقطاء في العالم، لأن هذه المواثيق لم تجعل للأسرة المحضن والراعي الأساس للطفل أي مكانة أو قيمة.
أيها المسلمون: ومن حق الطفل في الإسلام: أن يرضع من حليب أمه؛ لقول الله جل وعلا: (وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ) وقد ثبتت قيمة هذه الرضاعة وأثرها على الطفل صحياً ونفسياً، وبذلك استحقت الأم، أولوية حسن المصاحبة؛ كما جاء في الحديث النبوي، الوارد في الصحيحين، أن رَجُلاً جاء إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ: (مَنْ أَحَقُّ النَّاسِ بِحُسْنِ صَحَابَتِي؟ قَالَ: (أُمُّكَ). قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: (ثُمَّ أُمُّكَ). قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: (ثُمَّ أُمُّكَ). قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: (ثُمَّ أَبُوكَ). فحق لها هذا التكريم النبوي، فهي التي حملت، وهي التي ولدت، وهي التي أرضعت وربت… ومن حقوق الطفل في الإسلام العقيقةُ: وهي ذبح شاة للمولود؛ للذكر والأنثى في اليوم السابع من ولادته؛ امتثالاً لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (كُلُّ غُلاَمٍ رَهِينَةٌ بِعَقِيقَتِهِ، تُذْبَحُ عَنْهُ يَوْمَ السَّابِعِ،
ويسمَّى فيه) وقال: (مَنْ وُلِدَ لَهُ وَلَدٌ فَأَحَبَّ أَنْ يَنْسُكَ عَنْهُ فَلْيَنْسُكْ، عَنْ الْغُلامِ شَاتَانِ مُكَافِئَتَانِ، وَعَنْ الْجَارِيَةِ شَاةٌ) وإن لم يكن هناك استطاعةٌ، فيجوز أن يذبح شاةً عن الغلام؛ لحديث ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَقَّ عَنِ الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ كَبْشاً كَبْشاً)
عباد الله: ومن حقوق الطفل تسميته باسم حسن، يقول صلى الله عليه وسلم: (إنَّ أَحَبَّ أَسْمَائِكُمْ إِلَى اللَّهِ عَبْدُ اللَّهِ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ) ويقول صلى الله عليه وسلم: (إِنَّكُمْ تُدْعَوْنَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِأَسْمَائِكُمْ، وَأَسْمَاءِ آبَائِكُمْ، فَأَحْسِنُوا أَسْمَاءَكُمْ) عباد الله: ومن حقوق الطفل أيضاً: الختان للذكر: وهو من سنن الفطرة، يقول صلى الله عليه وسلم: (الفطرة خمس، وذكر منها: الختان..) وهو سنة نبينا محمد وأبينا إبراهيم عليهما السلام.
أيها المؤمنون: ومن أهم حقوق الطفل في إسلامنا العظيم، حقه في التربية، وأساس التربية، أن نرعى فيه من أيامه الأولى بذرةَ لا إله إلا الله، محمد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، التي جعلها الله تبارك وتعالى في فطرة كل مولود؛ يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الْفِطرَةِ، فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ أَوْ يُنَصِّرَانِهِ أَوْ يُمَجِّسَانِهِ) فكل مولود يأتي إلى دنيا الناس مسلماً موحداً، يأتي محباً لله ولرسوله، وعلى الأبوين رعاية تلك الفطرة؛ يقول الله جل وعلا: (فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ) فانسجام الأبوين داخل الأسرة، وتعاملهما بما أمر الله ورسوله في كل شأن من شؤون الحياة – هي الطريق التي يسلكها الطفل خلف أبويه، وهذا حقه على والديه؛ فمن حقه أن يجد المودة والرحمة، قائمتين في البيت، ومن حقه أيضاً أن يجد توجيهه نحو الخير والصلاح.
عباد الله: ومن حق الطفل كذلك: أن يرى حمايته من كل شر وافد، أن يكون في حصن الخلق الرفيع؛ لأننا نعيش في زمن كثرت فيه وسائل الاتصال المختلفة، والمفسدة في كثير منها للأخلاق، الواردة علينا من كل حدب وصوب؛ فماذا نفعل لنحمي أبناءنا من هولها؟ إن الملاذ هو التمسك بهذا الدين الحنيف.. هو إشباع الأبناء من الغذاء الروحي.. هو أن نحصنهم بدقة تعاملنا بشرع الله أمامهم.. بأن يعيشوا الألفة والمحبة الأسرية؛ حتى نقيهم الشرور المحيطة وهذا حقهم علينا…
اللهم أهد أبنائنا وبناتنا لخير دنياهم وأخراهم وحقق رجاءنا في استقامتهم وتقواهم على صراطك المستقيم واكتبنا وأياهم من عبادك الصالحين.
نفعني الله وإياكم بالقرآن العظيم وبهدي سيد المرسلين أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب وخطيئة فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية
الحمد لله ولي الصالحين، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له إله العالمين، ونشهد أن نبينا محمداً عبده ورسوله إمام المرسلين صلى الله وسلم عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد فيا أيها المسلمون: ومن حقوق الطفل في الإسلام حقه في الرحمة والحنان والحياة الكريمة، فإن الحياة الكريمة، هي التي يتمتع فيها الطفل بجميع حقوقه من العطف والرحمة والرعاية بأشكالها كافة.
ومن صور رحمة النبي صلى الله عليه وسلم بالأطفال أنه قَبَّلَ الْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ وَعِنْدَهُ الْأَقْرَعُ بْنُ حَابِسٍ التَّمِيمِيُّ جَالِساً، فَقَالَ الْأَقْرَعُ إِنَّ لِي عَشَرَةً مِنْ الْوَلَدِ مَا قَبَّلْتُ مِنْهُمْ أَحَدًاً، فَنَظَرَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ قَالَ مَنْ لَا يَرْحَمُ لَا يُرْحَمُ)
وكان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي بالناس وهو حامل أمامة بنت ابنته زينب، فإذا سجد وضعها، وإذا قام حملها.
ومن رحمة النبي صلى الله عليه وسلم بالأطفال ورقته عليهم أنه كان يزور الأنصار ويسلم على صبيانهم ويمسح رؤوسهم.. ونهى صلى الله عليه وسلم عن الدعاء على الأطفال رحمة بهم، وحذراَ من أن توافق ساعة إجابة فيستجيب الله الدعوة.
عباد الله: ومن حقوق الطفل في الإسلام حقه في عدم التمييز بينه وبين إخوانه من الأطفال، فقد كفل النبي صلى الله عليه وسلم حقوق الأطفال ذكوراً كانوا أم إناثاً، وحرم جميع أشكال التمييز بين الأطفال، وأبطل عادة كراهية الإناث وتفضيل الذكور عليهن، فقال: (مَنْ كَانَتْ لَهُ أُنْثَى فَلَمْ يَئِدْهَا، وَلَمْ يُهِنْهَا، وَلَمْ يُؤْثِرْ وَلَدَهُ عَلَيْهَا: يَعْنِي الذُّكُورَ أَدْخَلَهُ اللَّهُ الْجَنَّةَ) ونهى النبي صلى الله عليه وسلم عن إيثار بعض الأبناء بالعطايا على حساب آخرين، لأن هذا يؤدي إلى الكراهية والعقوق والتحاسد والتباغض بين الأبناء.
ومن حقوق الطفل في الإسلام حقه في اللعب واللهو البريء، فقد أتاح النبي صلى الله عليه وسلم للأطفال فرصة للعب والمرح، لأن سن الطفولة تتطلب هذا النوع من الممارسة، فكان الحسن والحسين يجلسان على ظهره صلى الله عليه وسلم وهو ساجد فيطيل السجود حتى يأخذا حظهما من المتعة واللعب…
ومن حقوق الطفل في الإسلام حقه في رفع الظلم والعنف عنه، جميل أن تتكاتف جهود المنظمات الدولية، لإعطاء الأطفال حقوقهم، ورفع الظلم والعنف عنهم، وكان النبي صلى الله عليه وسلم سباقاً إلى ذلك.
أيها المؤمنون: ومن حقوق الطفل في الإسلام حقه في النفقة، فقد ألزم النبي صلى الله عليه وسلم والد الطفل بالإنفاق عليه فقال عليه الصلاة والسلام:(اليد العليا خير من اليد السفلى، وابدأ بمن تعول). وقال: (كفى بالمرءِ إثماً أنْ يُضيِّعَ مَن يقُوتُ)
ومن حق الأطفال علينا أيضاً: أن ندعو لهم، وأن نبتهل إلى الله في كل حين، أن يهديهم سبيله القويم، وأن يجمعنا وإياهم على البر والتقوى، قال الله عن عبده الخليل عليه السلام: (رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلَاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي ۚ رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ) وقال الله عن نبيه زكرياً عليه السلام: (رَبِّ هَبْ لِي مِن لَّدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاء)
عباد الله: إن تذكيرنا بحقوق الطفل في الإسلام، هو تذكير لنا جميعاً بضرورة العمل من أجل حفظ حقوق الأطفال في كل مكان، لا سيما أولئك الذين يعيشون في ظروف صعبة، مثل أطفال فلسطين وغزة الذين يتعرضون لأبشع الجرائم التي يندى لها الجبين، ويعانون من سلب حقوقهم في العيش الكريم. وإن الواجب على الدول الإسلامية والمجتمع الدولي التحرك الجاد لوقف الصراع، وحقن دماء الأبرياء، ورفع
الحصار عنهم، ووقف الانتهاكات الفظيعة لحقوق الإنسان وتحقيق العدالة والمساءلة وإنقاذ الشعب الفلسطيني المظلوم من حرب الإبادة والأزمات المعيشية المتلاحقة.
عباد الله: تلك هي بعض حقوق الأطفال في دين الإسلام، وهم أمانة نتحمل جميعاً مسؤولية رعايتهم وحسن تربيتهم والبلوغ بهم إلى سن رشدهم؛ ليكونوا خير خلف لخير سلف… (رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً) اللهم أصلح أولادنا، وبارك لنا في أبنائنا وبناتنا، ووفقهم لطاعتك، وارزقنا برهم، واجعلهم هداة مهتدين، غير ضالين ولا مضلين، وحبب إليهم الإيمان وزينه في قلوبهم وكره إليهم الكفر والفسوق والعصيان واجعلهم من الراشدين.
اللهم أعز الإسلام وانصر المسلمين، اللهم اجعل كلمتك هي العليا إلى يوم الدين، اللهم آمنا في وطننا وفي خليجنا واجعل هذا البلد آمناً مطمئناً سخاءً رخاءً وسائرَ بلاد المسلمين، الْلَّهُمَّ وَفِّقْ وُلَاةَ أُمُوْرِنَا، وفق مَلِكِنَا حَمِدَ بْنَ عِيْسَىْ وَوَلِيَّ عَهْدِهِ رئيس وزرائه سلمان بن حمد، الْلَّهُمَّ وَفِّقْهُمْ لِمَا تُحِبُّ وَتَرْضَىَ وَخُذْ بِنَوَاصِيْهِمْ لِلْبَرِّ وَالْتَّقْوَىْ وَسَدِّدْ عَلَىَ طَرِيْقِ الْخَيْرِ خُطَاهُمْ، وَهَيِّئْ لَهُمْ الْبِطَانَةَ الْصَّالِحَةَ الْنَّاصِحَةَ يَا رَبْ الْعَالَمِيْنَ.
اللهم أصلح أحوال المسلمين في كل مكان، اللهم أصلح قادتهم وعلمائهم وشبابهم وفتياتهم ونساءهم ورجالهم يا سميع الدعاء. اللهم كن لإخواننا المستضعفين المظلومين في كل مكان، ناصراً ومؤيداً، اللهم وأصلح أحوالهم في فلسطين ولبنان والسودان وفي كل مكان، اللهم فرج همهم ونفس كربهم، وألف بين قلوبهم، واحقن دمائهم، ولا تجعل لعدو ولا طاغية عليهم سبيلاً.
اللهم فرج الهم عن المهمومين، ونفس الكرب عن المكروبين، واقض الدين عن المدينين، واشف مرضانا وارحم موتانا برحمتك يا أرحم الراحمين.
الْلَّهُمَّ صَلِّ وَسَلَّمَ وَزِدْ وَبَارِكَ عَلَىَ سَيِّدِنَا وَنَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَىَ آَلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِيْنَ.
(سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ)