صور من حب الصحابة للنبي صلى الله عليه وسلم
لفضيلة الشيخ عدنان بن عبد الله القطان
7 ربيع الأول 1445 هـ – 22 سبتمبر 2023 م
—————————————————————————-
الحمد لله الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله، وبعثه إلى الناس بشيراً ونذيراً، فهداهم إلى الحق والصراط المستقيم بقوله وفعله، نحمده سبحانه ونشكره، ونتوب إليه ونستغفره، ونشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، ونشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبده ورسوله، بلغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة، وجاهد في الله حق جهاده حتى أتاه اليقين، صلى الله وسلم وبارك عليه، وعلى آله وأزواجه وأصحابه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.
أمّا بعد: فأوصيكم عباد الله ونفسي بتقوى الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)
معاشر المسلمين: إن الحديث يحلو ويطيب عن عظماء الرجال، ولكن الحديث إذا كان عن الحبيب المصطفى محمد، صلى الله عليه وآله وسلم فلا يجاريه حديث، في روعته وحلاوته وجماله، إنه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الذي ملأ حبه الأفئدة، وتشتاق إليه النفوس، وبذكره ترق وتلين القلوب، وعند الحديث عنه، تطمع النفوس المؤمنة إلى رؤيته، والالتقاء به في جنات النعيم، والموعد معه إن شاء الله تعالى عند حوضه الشريف، لنشرب منه شربة هنيئة لا نظمأ بعدها أبداً، وأعلموا رحمكم الله، أنه كلما عرف العبد نبيه صلى الله عليه وآله وسلم كان أكثر حباً له، وأعظم اشتياقاً إليه، ولذا لما عرف الصحابة رضوان الله عليهم رسولهم عن قرب واقتراب، وصلت محبته في قلوبهم شأناً عالياً ومبلغاً عظيماً، ورخص في سبيل هذه المحبة كل غال في حياتهم من النفس والمال والأهل، فضربوا لمن بعدهم أروع الأمثلة في محبة الرسول صلى الله عليه وسلم وتوقيره ونصرته واحترامه.
ففي السنة الثالثة من الهجرة، وفي مدينة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. شاع خبر بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد قتل في يوم أحد، فاضطربت في إثره النفوس، وهلعت معه القلوب، وأصيب الناس بكآبة وغم وقلق وهم، هاجت فيها العبرات، وتجمعت في المآقي الدمعات، وأصبح الجميع يترقب الحقيقة، ويتحين النبأ المؤكد.
وكان ممن تلوع وتروع امرأة من الأنصار من بني دينار، تَجَمَّعَتْ عَلَى تِلْكَ المَرْأَةِ المُؤْمِنَةِ مَصَائِبُ عُمْرِهَا فِي ذَلِكَ اليَوْمِ، قُتِلَ أَبُوهَا وَأَخُوهَا وَزَوْجُهَا فِي صَبِيحَةِ أُحُدٍ، فَلَمَّا نَعُوا لَهَا اسْتَرْجَعَتْ وَحَوْقَلَتْ، ثُمَّ قَالَتْ: مَا فَعَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (تسأل عن سلامته)؟ قَالُوا: خَيْراً يَا أُمَّ فُلانٍ، هُوَ بِحَمْدِ اللهِ كَمَا تُحِبِّينَ، قَالَتْ: أَرُونِيهِ حَتَّى أَنْظُرَ إِلَيْهِ، فَأُشِيرَ لَهَا إِلَيْهِ، فَقَالُوا: ذَاكَ رَسُولُ اللهِ، فَلَمَّا كَحَّلَتْ عَيْنَيْهَا بِرُؤْيَتِهِ قَالَتْ: كُلُّ مُصِيبَةٍ بَعْدَكَ جَلَلٌ يا رسول الله (أَيْ: كل مصيبة بعدك صَغِيرَةٌ). إنها المحبة يا عباد الله التي غرسها الله في قلب كل مؤمن ومؤمنة.. إنها المحبة التي يتضاءل أمامها كل غرام وهيام… إنها المحبة التي أنطقت الجمادات، وحنت إليها البهائم العجماوات… إنها المحبة التي تعجز الألسنة عن تعبيرها، وتقف الأقلام عن تسطيرها، ويعجم البيان عن تصويرها، ويكفي أن محلها ومستقرها سويداء القلب، فحبه عليه الصلاة والسلام دين وإيمان، وطاعة وقربان، كما قال صلى الله عليه وسلم: لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ وَلَدِهِ، وَوَالِدِهِ، وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ).. عباد الله: أما لماذا نحب رسول الله صلى الله عليه وسلم فوق كل نفس ونفيس؟ فلئن هذا النبي الكريم كان سبباً لهدايتنا ونجاتنا من عذاب الجحيم، فإحسانه لنا لا يقابل ولا يوازى، ومعروفه علينا لا يقدر ولا يجازى؛ وصدق الله العظيم: (لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ).. وأحببنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أيضاً لأنه حريص علينا مشفق بنا، كم من مرة قال: (لَوْلاَ أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَأَمَرْتُهُمْ بِكَذَا….)!
وَكَمْ مِنْ دَعَوَاتٍ رَفَعَهَا صلى الله عليه لِرَبِّه: (يَا رَبِّ أُمَّتِي، أُمَّتِي) بكى نهاراً طويلاً يردد: يا رب أمتي، أمتي، ودموعه تنحدر على خده ولحيته، فقال الله تعالى: يا جبريل، اذهب إلى محمد، فقل له: إنا سنرضيك في أمتك ولا نسوءك. والله إن قلوبنا لتخفق حباً وشوقاً لرسولنا، لفضله علينا، ولأنه أحبنا، واشتاق إلينا… ذهب النبي صلى الله عليه وسلم يوماً إلى البقيع ومعه أصحابه رضي الله عنهم، فدعا لأصحابه الأموات، ثم التفت إلى أصحابه فقال: (وَدِدْتُ أَنْا رَأَيْنَا إِخْوَانَنَا)، فَقَالَ الصَّحَابَةُ: أَوَلَسْنَا إِخْوَانَكَ؟ قَالَ: (بَلْ أَنْتُمْ أَصْحَابِي، إِخْوَانُنَا الَّذِينَ لَمْ يَأْتُوا بَعْدُ، وَأَنَا فَرَطُهُمْ عَلَى الحَوْضِ (أي أمامهم وسابقهم). فكل مسلم آمن بالنبي صلى الله عليه وسلم واتبعه، فهو من إخوانه والرسول صلى الله عليه وسلم قد اشتاق إليه وحنَ محبة له.
أحباب المصطفى صلى الله عليه وسلم: لقد عرف الصحابة رسولهم ونبيهم عن قرب، فوصلت محبته في قلوبهم شأناً عالياً ومبلغاً عظيماً، ورخص في سبيل هذه المحبة كل غال في حياتهم من النفس والمال والأهل والولد، فضربوا لمن بعدهم أروع الأمثلة في محبة الرسول صلى الله عليه وسلم وتوقيره واحترامه ونصرته والتضحية من أجله، والدفاع عنه وعن هديه وسنته.. كيف لا، وهم يرون محبته قد ظهرت حتى في الجماد والنبات، فقد حن الجذع شوقاً إليه، وأخبرته الشاة المسمومة خوفاً عليه، وسلم عليه الشجر والحجر، وسبح الطعام بين يديه، وسجد له الشجر والحجر سجود محبة وإعظام وإجلال، لا سجود نسك وعبادة، كما صحت بذلك الأخبار المتواترة عن الصحابة والتابعين.. فإذا كان الجماد وهو الأصم قد أحبه، فكيف بمن خالطه وعايشه وعامله، والله لو ذابت القلوب في أحشائها، وتفتتت الأكباد في أجوافها شوقاً إلى النبي صلى الله عليه وسلم ما كانت وربي ملومة ولا مستعتبة. هذا عروة بن مسعود- يوم أن كان على الشرك- ترسله قريش إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو في الحديبية لمصالحته، فجعل عروة يرمق أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ومعاملتهم له، فرأى الشيء العجاب، من المحبة والتعظيم والإجلال. فرجع إلى أصحابه، وقال لهم: أي قوم، والله لقد وفدت على الملوك، ووفدت على قيصر وكسرى والنجاشي، والله ما رأيت ملكاً قط يعظمه أصحابه ما يعظم أصحاب محمد محمداً) وقال آخر يوم أن كان على الشرك: (والله ما رأيت من الناس أحداً يحب أحداً، كحب أصحاب محمد محمداً).
أما في يوم أحد فقد تجلت محبة الأصحاب لنبيهم صلى الله عليه وسلم في أبهى حللها وأصدق صورها يوم خَلُصَ المشركون إلى رسول الله، وركضوا إليه، وتقدموا نحوه، فأصبح سيد المرسلين، وحبيب رب العالمين هدفاً لسلاح المشركين، منهم من يرميه بالرمح، ومنهم من يتقدم نحوه بالسيف، ومنهم من يقذفه بالحجارة، حتى شج وجهه وكسرت رباعيته، وغارت حلقة المغفر في وجهه، بأبي هو وأمي. رآه من رآه وهو ينادي: (من يدفعهم عنا وله الجنة)، ورأوه وهو يقول لسعد بن أبي وقاص رضي الله عنه: ارم سعد، فداك أبي وأمي! هذا خالي فليُرني أمرئٌ خاله، هنا انتفض الصحابة، وقاتلوا دون النبي صلى الله عليه وسلم فقاتلوا قتال الأسود الضارية، بل أشد، فهذا أبو دجانة الأنصاري رضي الله عنه، يجعل نفسه كالترس على رسول الله صلى الله عليه وسلم ليحميه، حتى صار ظهره كالقنفذ من السهام… وهذا طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه يترس نفسه حول النبي صلى الله عليه وسلم، ويدور حوله ليتلقى بجسده السهام، وضربات السيوف، وطعنات الرماح، حتى ضربت يده، فقطعت أصابعه، فقال: حس! (وهي كلمة تقال عند الألم) فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (لو قلت: بسم الله، لرفعتك الملائكة والناس ينظرون). وظل يقاتل دون النبي صلى الله عليه وسلم حتى شلت يده، وسقط مغشياً عليه من كثرة الجراح، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: أوجب طلحة أوجب طلحة؛ أي: وجبت له الجنة.. تقول أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها وعن أبيها: كان أبو بكر إذا ذكر يوم أحد يقول: ذلك اليوم كله لطلحة بن عبيد الله رضي الله عنه وأرضاه. واستمات سعد بن الربيع رضي الله عنه في الدفاع عن النبي صلى الله عليه وسلم حتى أثخنه المشركون بالجراح فأسقطوه صريعاً، فأدركه أحد الصحابة وهو يلفظ أنفاسه الأخيرة، وهو يقول: (لا عذر لكم عند الله إن خلص إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وفيكم عين تطرف)! وهذا بلال بن رباح رضي الله عنه امتلأ قلبه حباً للنبي صلى الله عليه وسلم وقرب منه ولازمه، فكم هتف صوته الشجي: بأشهد أن محمداً رسول الله، وقلبه يسبق صوته حباً ومودة له صلى الله عليه وآله وسلم. أذن بلال في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم عشر سنوات في حياته، فلما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الاثنين ضحى، صعد بلال المنبر ليؤذن الظهر، فلما بلغ: أشهد أن محمداً رسول الله بكى وأبكى رضي الله عنه ونشج، ولم يستطع أن يكمل الأذان، فلما دفن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال بلال: (والله لا أؤذن لأحد بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم).. وبعد سنوات طويلة قدم الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه الشام، ونزل بالجابية عند الجولان، ومعه كبار الصحابة، فطلب الناس من عمر أن يأمر بلالاً ليؤذن بهم، فدعاه عمر وترجاه أن يؤذن، فصعد بلال مرتفعاً، ثم أذن: الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن لا إله إلا الله، فلما بلغ: أشهد أن محمداً رسول الله بكى رضي الله عنه كثيراً وأبكى الصحابة. ذكرهم بحبيبهم صلى الله عليه وسلم حتى ضج الناس بالبكاء، وكان أولهم عمر رضي الله عنه أشدهم بكاء. يقول أهل العلم: (كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لا يتذكرونه إلا خشعوا، واقشعرت جلودهم). وقال أنس بن مالك رضي الله عنه خادم النبي صلى الله عليه وسلم: شهدت النبي صلى الله عليه وسلم يوم دخل المدينة، فما رأيت يوماً قط كان أحسن ولا أضوأ (أي أجمل وأكثر إشراقاً) من يوم دخل علينا فيه، وشهدته يوم مات، فما رأيت يوماً كان أقبح، ولا أظلم من يوم مات فيه صلى الله عليه وسلم)
فاتقوا الله عباد الله واعرفوا للرسول الكريم صلى الله عليه وسلم حقه، من الإيمان به، ومحبته والدفاع عنه، وإتباع سنته، وعدم الخروج عن هديه، تكونوا من المفلحين.
نسأل الله العلي العظيم أن يرزقنا حب وشفاعة نبيه صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم، وأن يملأ نفوسنا بإجلاله وتعظيمه وتوقيره، وأن يحشرنا في زمرته وأن يجعلنا فداء له ولدينه، إنه سميع مجيب الدعاء…
نفعني الله وإياكم بالقران العظيم، وبهدي سيد المرسلين، أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية
الحمد لله الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله وكفى بالله شهيداً، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، إقراراً به وتوحيداً، ونشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليماً كثيراً.
أما بعد فيا أيها المسلمون: إن محبة النبي صلى الله عليه وسلم، ليست مجرد عاطفة جياشة أو إعجاباً خالصاً، بل هي عقيدة مؤسسة في النفس، راسخة في الوجدان، وشغاف القلب.. هذه المحبة لها حلاوة تذاق بالقلب، وضياء يشع في الصدر، وكلما كان العبد أشد حباً للنبي صلى الله عليه وسلم استشعر معنى الإيمان وحلاوته. وفي الحديث الصحيح قال صلى الله عليه وسلم: (ثَلَاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ بِهِنَّ حَلَاوَةَ الْإِيمَانِ، وذكر منها: أَنْ يَكُونَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا…). بيد أن محبة المصطفى عليه الصلاة والسلام ليست دعوى يتكثر بها، ولا
انتساباً يفتخر به، بل لها علامات واضحات، تظهر على العبد في سلوكه ومعاملته وعبادته واستقامته، فطاعة الحبيب صلى الله عليه وسلم والاقتداء به، ومحبة قوله وفعله أقوى شاهداً على صدق المحبة، فالإتباع دليل المحبة الأول، وشاهدها الأمثل.
(قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ۗ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ)
لَوْ كَانَ حُبُّكَ صَادِقًا لَأَطَعْتَهُ
إِنَّ المُحِبَّ لِمَنْ يُحِبُّ مُطِيعُ
عباد الله: ومن علامات محبة العبد لنبيه صلى الله عليه وسلم: تعظيم هديه، وإجلال سنته، وعدم الاستهانة بتعاليم دينه، أو تقديم قول أحد كائناً من كان على قوله؛ يقول جل وعلا (فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً)
ومن علامات صدق المحبة للنبي صلى الله عليه وسلم محبة من أحب النبي صلى الله عليه وسلم من آل بيته وأزواجه وأصحابه من المهاجرين والأنصار وعداوة من عاداهم وبغض من أبغضهم وتنقصهم، والدفاع عنهم، والترضي عليهم والاهتداء بهديهم والاقتداء بسنتهم . فمن أحبَّهم وأثنى عليهم برِئ من النّفاق، وكان له من منازل الإيمان على قدرِ محبّتِه لهم والإقتداء بهم، يقول سبحانه: (إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) ويقول تعالى: النَّبِيُّ أَوْلَىٰ بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ ۖ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ ۗ) ويقول جل وعلا في الإخبار عن أصحاب نبيه صلى الله عليه وسلم: (وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيم)
أولئك أَحبـابِي وصَحبِي ومَعشَري
وقومي وإخواني وأعلامُ أمّتي
حب الصحابة والقرابة سنة
ألقى بها ربي إذا أحياني
عباد الله: ومن علامات صدق المحبة للنبي صلى الله عليه وسلم: أن يأنس القلب ويفرح إذا ذكر اسمه عليه الصلاة والسلام، وأن يصغى للأذان عند سماع كلماته، وأن يكون العبد شغوفاً بمعرفة آثاره، والاطلاع على أخباره.
أيها المحب الكريم: إن كنت صادقاً في حبك للنبي صلى الله عليه وسلم، فأكثر الصلاة والسلام عليه ليلاً ونهاراً، سراً وجهاراً، فمن أحب شيئاً أكثر من ذكره. يقول صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَكْثَرُهُمْ عَلَيَّ صَلَاةً). أيها المحب الكريم: اشتياقك لرؤية النبي صلى الله عليه وسلم برهان على صدق حبك له، يقول صلى الله عليه وسلم (إِنَّ مِنْ أَشَدِّ أُمَّتِي لِي حُبّاً نَاسٌ يَكُونُونَ بَعْدِي، يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ رَآنِي بِأَهْلِهِ وَمَالِهِ) وأخيراً أخي المسلم المحب الكريم: أملأ قلبك حباً لنبيك العزيز، وبرهن على ما في وجدانك بإتباع هديه والانقياد لأمره، تكن من أحباب المصطفى صلى الله عليه وسلم ومن أهل مجاورته يوم القيامة.
جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَتَى السَّاعَةُ؟ قَالَ: وَمَا أَعْدَدْتَ لِلسَّاعَةِ؟ قَالَ: حُبَّ اللهِ وَرَسُولِهِ، قَالَ: (فَإِنَّكَ مَعَ مَنْ أَحْبَبْتَ)… اللهم صل وسلم على محمد ما ذكره الذاكرون الأبرار، وصل على محمد وعلى آل محمد وعلى أزواج محمد وعلى المهاجرين والأنصار، اللهم صل عليه ما زهرت النجوم، وتلاحمت القيوم، اللهم صل وسلم على صاحب المقام المحمود، والحوض المورود، واللواء المعقود، اللهم صل وسلم على صاحب الوجه الأنور والجبين الأزهر، والمقام الأطهر، والمجد الأسمى والأظهر، اللهم اجعل حبك وحب رسولك أحب إلينا من أنفسنا وأبنائنا ومن الماء البارد على الظمأ، اللهم ارزقنا شفاعته وأوردنا حوضه، واسقنا بيده الشريفة شربة لا نظمأ بعدها أبداً.وأنلنا شرف صحبته في عليين مع الذين أنعمت عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أؤلئك رفيقاً.
اللهم أعز الإسلام وانصر المسلمين، اللهم اجعل كلمتك هي العليا إلى يوم الدين.
اللهم آمنا في وطننا وفي خليجنا واجعل هذا البلد آمناً مطمئناً سخاءً رخاءً وسائر بلاد المسلمين.. اللهم وفق ولاة أمورنا وفق ملكنا حمد بن عيسى وولي عهده رئيس وزرائه سلمان بن حمد اللهم وفقهم لما تحب وترضى، وخذ بنواصيهم للبر والتقوى وهيئ لهم البطانة الصالحة الناصحة يا رب العالمين. اللهم كن لإخواننا المستضعفين المظلومين في كل مكان ناصراً ومؤيداً، اللهم أحفظ بيت المقدس والمسجد الأقصى، وأحفظ أهله، وأحفظ المرابطين فيه، واجعله شامخاً عزيزاً عامراً بالطاعة والعبادة إلى يوم الدين.
اللهم اغفر ذنوبنا، واستر عيوبنا، ونفس كروبنا، وعاف مبتلانا، واشف مرضانا، واشف مرضانا، وارحم موتانا، وارحم موتانا، برحمتك يا أرحم الراحمين.
الْلَّهُمَّ صَلِّ وَسَلَّمَ وَزِدْ وَبَارِكَ عَلَىَ سَيِّدِنَا وَنَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَىَ آَلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِيْنَ.
(سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ)