خطبة الجمعة.. الاستمرار على الطاعة بعد رمضان

الاستمرار على الطاعة بعد رمضان

فضيلة الشيخ عدنان بن عبد الله القطان

6 شوال 1446 هـ – 4 أبريل 2025 م

 

الحمد لله جل جلاله، وجل ثناؤه، وتقدست أسماؤه، سبحانه وبحمده، لا تحصى نعماؤه، نحمده سبحانه ونشكره، ونتوب إليه ونستغفره، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، ونشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبد الله ورسوله، المبعوث بالهدى ودين الحق، ارتفعت به أعلامه، وعلا ضياؤه، صلى الله وسلم وبارك عليه، وعلى آله وأصحابه، بدور الدجى وسناؤه والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

أما بعد: فيا عباد الله، أوصيكم ونفسي بتقوى الله: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)

معاشر المسلمين: يمتاز الإسلام عن غيره من الديانات من حيث التطبيق والعمل، أنه دين دائم الاتصال بالعبد، لا ينفك عنه بمجرد ذهاب شعيرة أداها، كشهر رمضان، أو يتحلل منه فور انتهاء زمن عبادة معظمة فيه؛ بل يظل الإسلام ملازما للعبد في كل الأوقات والأمكنة، في البيت والسوق والعمل، وفي كل مكان، وفي شعبان ورمضان وشوال، وفي كل زمان… يستمر هذا الدين يصل العبد بربه، ويعلو به إلى الملكوت الأعلى، ويسمو به عن دنايا الدنيا، وهذا الحسن لا يظهر إلا في مؤمن التزم الإسلام ظاهرا وباطنا في كل وقت وحين… ومن هنا كانت العبودية في الإسلام لله تعالى على الدوام، تستمر مع العبد منذ التكليف حتى اللحد، لا ينفك عن الاتصال بالله تعالى إلا إذا تنكب العبد الطريق، وضل عن الصراط المستقيم… انظروا -مثلا- إلى الصلاة المفروضة التي تتكرر مع العبد كل يوم وليلة، وإلى الصيام الذي يعود كل عام، ومثل ذلك يقال في الزكاة والاستغفار، وقراءة القرآن وسائر الذكر، وبر الوالدين، وصلة الأرحام وغيره مما يكثر عده.ولم يقف الاستمرار في العمل الصالح عند حد الفرائض؛ بل تعدى ذلك إلى النوافل؛ فاستحب للعبد أن يستمر فيها ولا يقطعها.

أيها المؤمنون والمؤمنات: روت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (أحب الأعمال إلى الله تعالى أدومها وإن قل)، وذكرت رضي الله عنها أن من صفاته صلى الله عليه وسلم المداومة على العمل الصالح فقالت: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا عمل عملا أثبته، وكان إذا نام من الليل أو مرض صلى من النهار اثنتي عشرة ركعة).. فتأملوا مبلغ أهمية الدوام على العمل الصالح؛ إذ كان النبي عليه الصلاة والسلام يقضيه عند فواته في وقته مع أنه نافلة لا يجب قضاؤه، بل وحث الأمة على ذلك، فقال عليه الصلاة والسلام: (من نام عن حزبه، أو عن شيء منه، فقرأه فيما بين صلاة الفجر وصلاة الظهر، كتب له كأنما قرأه من الليل). ومن كان مداوما على العمل الصالح فإنه دائم الاتصال بالله تعالى، محافظ على فرائضه، متقرب إليه بالنوافل؛ حتى يكون من أحبائه الله تعالى، وأي شرف أعظم من هذا! يقول الله تعالى في الحديث القدسي: (مَن عادَى لي وَلِيًّا فقَدْ آذَنْتُهُ بالحَرْبِ، وما تَقَرَّبَ إلَيَّ عَبْدِي بشَيءٍ أحَبَّ إلَيَّ ممَّا افْتَرَضْتُ عليهِ، وما يَزالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إلَيَّ بالنَّوافِلِ حتَّى أُحِبَّهُ …). إن العبد إذا نزلت به شدة يهرع إلى الله عز وجل؛ لكن هل يليق به أن ينسى الله في الرخاء، ولا يعرفه إلا في الشدائد؟

واستمرار العبد على العمل الصالح كفيل بتخفيف كل شدة وإزالتها؛ ولذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (تعرَّفْ إلى اللهِ في الرَّخاءِ يعرفْكَ في الشِّدَّةِ)، وقال: (من سرَّهُ أن يستجيبَ اللهُ لهُ عندَ الشَّدائدِ والكُرَبِ فليُكثِرِ الدُّعاءَ في الرَّخاءِ) والاستمرار على العمل الصالح سبب لتهذيب النفس، وسموها على الشهوات، واستعلائها على الهوى، وحجزها عما لا يليق من المنكرات، قال تعالى: (إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ) والصلاة دائمة مستمرة، فمن حافظ عليها وما يجب لها، نهته عن كل منكر. ولما جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: (إنَّ فلاناً يُصلِّي بالليلِ فإذا أصبحَ سَرَقَ)، قال: (إنَّهُ سينهاهُ ما تقولُ). وإذا استمر العبد على العمل الصالح فحال بينه وبينه عذر، كتب الله له الأجر كأنه قد عمله، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا مرضَ العبدُ أو سافرَ كتبَ له مثلُ ما كان يعملُ مقيماً صحيحاً)، وفي لفظ آخر قال عليه الصلاة والسلام: (ما من امرئٍ تكونُ له صلاةٌ بليلٍ يغلبُه عليها نومٌ، إلَّا كُتبَ له أجرُ صلاتِه، وكان نومُه عليه صدقةً). قال أهل العلم: (هذا في حق من كان يعمل طاعة فمنع منها وكانت نيته لولا المانع أن يدوم عليها).

أيها المسلمون: إن مما يعين على الاستمرار في العمل الصالح: تجديد التوبة دائماً وأبداً، ولزوم الاستغفار، فإن في ذلك القوة والنشاط. وضمان بقاء العبد على العمل الصالح يحتاج إلى قوة قلبية وقوة جسدية.. قوة في إيمانه، وقوة في أعضائه، وفي التوبة والاستغفار تحصيل ذلك، قال الله تعالى حكاية عن هود عليه السلام أنه قال لقومه: (وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَىٰ قُوَّتِكُمْ وَلَا تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ). واختيار المناسب من الأعمال الصالحة أدعى للاستمرار عليها؛ فإن الأعمال الصالحة تتنوع وهي كثيرة جدًّا، ولذا كان من السلف الصالح من اشتهر بطول القيام، وآخر بكثرة التسبيح والذكر، وثالث بالسعي في حوائج الناس ومساعدتهم وغيرهم بتعليم الناس وتفقهيهم وهكذا… وليس معنى ذلك أن يلزم العبد عملاً ويترك الأعمال الأخرى؛ لكنه يُكثِر مما يرى أنه أنشط فيه، وأكثر استمراراً.. ولا يُثقِل على نفسه؛ لأن النفس بطبيعتها شهوانية ملولة، فلو أثقل عليها، ربما أدى ذلك إلى قطع العمل بالكليَّة، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: (خذوا من العملِ ما تطيقونَ، فإنَّ اللهَ لا يملُّ حتى تملُّوا). ويسأل العبد ربه الإعانة على الاستمرار في العمل الصالح، وكان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم: اللهم أعنِّي على ذِكرِكَ وشكرِكَ وحسنِ عبادتِك، وأوصى معاذاً أن يدعو بذلك دبر كل صلاة.

وقد جاء النهي عن ترك الاستمرار في العمل الصالح في حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما، قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يا عبدَ اللهِ، لا تَكُنْ مِثلَ فُلانٍ، كانَ يقومُ الليلَ فتركَ قيامَ الليلِ).

ويُنَشِّط العبد على العمل الصالح، ويقوده إلى الاستمرار فيه مطالعة أخبار الصالحين من سلف هذه الأمة ومن بعدهم ممن كانوا يتحملون أعمالاً صالحة كثيرة ويداومون عليها، ولا يدعونها حتى في أحلك الظروف، وأصعب الساعات؛ قدوتهم في ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، قالت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها: (ما رأيتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم منذُ أنْ نزلَ عليهِ (إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللهِ وَالفَتْحُ) يُصَلِّي صلاةً إلَّا قالَ فيها: سبحانَكَ ربِّي وبحمدِكَ، اللهمَّ اغفرْ لي).

وكانت عائشة رضي الله عنها تصلي الضحى ثماني ركعات ثم تقول: (لو نُشِرَ لي أبوايَ ما تَرَكْتُها). وقال النبي عليه الصلاة والسلام لبلال عند صلاة الفجر: (يا بلالُ، حدِّثْني بأرجى عملٍ عملتَهُ في الإسلامِ، فإني سمعتُ دفَّ نَعْلَيْكَ بينَ يديَّ في الجنةِ) قال: (ما عَمِلْتُ عملاً أرجى عندي أني لم أتطهَّرْ طُهُوراً في ساعةٍ من ليلٍ أو نهارٍ إلَّا صَلَّيْتُ بذلكَ الطُّهورِ ما كُتِبَ لي أن أُصَلِّيَ).

وهذا علي رضي الله عنه لم يترك عملاً صالحًا أرشده إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم في ليلة يستقبل صباحها حربًا وقتالًا؛ وذلك أن عليا وفاطمة رضي الله عنهما سألا النبي صلى الله عليه وسلم خادما فقال: (أَلَا أُعَلِّمُكُمَا خيرًا مِمَّا سَأَلْتُمَا؟ إذا أَخَذْتُما مَضَاجِعَكُمَا، أن تُكَبِّرَا اللهَ أربعًا وثلاثين، وتُسَبِّحَاهُ ثلاثًاً وثلاثين، وتَحْمَدَاهُ ثلاثًا وثلاثين، فهو خيرٌ لكما من خادمٍ). قال علي: (ما تَرَكْتُهُ منذُ سمعتُهُ من النبيِّ صلى اللهُ عليهِ وسلم). قِيلَ لهُ: ولا ليلةَ صِفِّينَ؟ قال: (ولا ليلةَ صِفِّينَ). يعني أن عليا لم يترك هذا الذكر حتى في أحلك الظروف وأشد المعارك... ومن عجائب الأخبار في هذا الجانب ما خرجه مسلم في صحيحه، قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير، حدثنا سليمان بن حيان عن داود بن أبي هند، عن النعمان بن سالم، عن عمرو بن أوس قال: حدثني عنبسة بن أبي سفيان في مرضه الذي مات فيه، قال: سمعت أم حبيبة تقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (من صلى اثنتي عشرةَ ركعةً في يومٍ وليلةٍ، بُنيَ لهُ بِهِنَّ بيتٌ في الجنةِ). قالت أم حبيبة: فما تَرَكْتُهُنَّ منذُ سمعتُهُنَّ من رسولِ اللهِ صلى اللهُ عليهِ وسلم). وقال عنبسة: (فما تَرَكْتُهُنَّ منذُ سمعتُهُنَّ من أمِّ حبيبةَ) رضي الله عنها. وقال عمرو بن أوس: (ما تَرَكْتُهُنَّ منذُ سمعتُهُنَّ من عنبسةَ). وقال النعمان بن سالم: (ما تَرَكْتُهُنَّ منذُ سمعتُهُنَّ من عمروِ بنِ أوسٍ).

فانظروا رحمكم الله كيف أن كل واحد من هؤلاء السلف رحمهم الله تعالى بادر بالامتثال، وحافظ على السنن الرواتب، واستمر على ذلك، ولم يتركها منذ أن بلغه فضلها، وأخبارهم في ذلك كثيرة.

عباد الله: كانت تلك جمل في أهمية الاستمرار على العمل الصالح ودواعيه وأسبابه وآثاره؛ عسى أن يكون فيها إيقاظ للعقول النائمة، وتنبيه للقلوب الغافلة؛ يقودها إلى الله والدار الآخرة.

نسأل الله تعالى أن يستعملنا في طاعته إلى الممات، ويجعلنا من عباده الصالحين الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون.

(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ)

نفعني الله وإياكم بالقرآن العظيم وبهدْي سيد المرسلين، أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.

 

 

الخطبة الثانية

الحمد لله الذي بنعمته تتمُّ الصالحات، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ربُّ الأرض والسماوات، ونشهد أن سيدنا ونبيَّنا محمداً عبدُه ورسولُه أفضلُ من سارعَ إلى الخيرات، واستقام على الطاعات، صلى الله وسلم عليه وعلى آله وأزواجه وأصحابه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.

أما بعد فيا أيها المسلمون: ما أجمل الحسنة تتبعها الحسنة! وما أحسن الطاعة تعقبها الطاعة! وما أجمل الإحسان يتلوه الإحسان، والمعروف يعقبه المعروف، والخير يتلوه الخير! يقول الله تعالى: (وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدىً وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ) فيا من وفقكم الله للصيام والقيام وعمل الطاعات، والبعد عن المعاصي والسيئات في رمضان، حافظوا على طاعاتكم، واستمروا على قرباتكم، وواصلوا عباداتكم لربكم عز وجل حتى يأتيكم الأجل؛ كما قال تعالى: (وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ) أي: الموت، وإذا كان رمضان شهر الصيام والقيام، والذكر وقراءة القرآن، والصدقات وأعمال الخير، فإنه يحسن بالمسلم أن يحافظ على أعمال الطاعات في سائر أيام السنة، وإن من متابعة الأعمال الصالحة بعد رمضان: صيام ستة أيام من شوال؛ كما قال عليه الصلاة والسلام: (من صام رمضان ثم أتبعه ستًّاً من شوال، كان كصيام الدهر) ولقد سنَّ لنا رسولنا صلى الله عليه وسلم أيضاً: صيام يوم عرفة لغير الحجاج، وصيام يوم عاشوراء، وهو اليوم العاشر من شهر محرم؛ قال صلى الله عليه وسلم: (صيام يوم عرفة، أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله، والسنة التي بعده، وصيام يوم عاشوراء، أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله) ومن الصيام المسنون أيضاً: صيام أيام البيض من كل شهر، وهي: الثالث عشر، والرابع عشر، والخامس عشر؛ وسميت أيام البيض بهذا الاسم؛ لأنها ليالٍ مقمرة، فهي بيض لاشتداد ضوء القمر فيها، ومن السنة أيضاً: صيام الإثنين والخميس؛ لأنه صلى الله عليه وسلم كان يصومها فسئل عن ذلك فقال: (إن أعمال العباد تعرض يوم الإثنين ويوم الخميس) وفي رواية: (وأحب أن يعرض عملي وأنا صائم) وأفضل صيام التطوع: صيام داود عليه السلام، كان يصوم يوماً ويفطر يوماً؛ كما أخبر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم. وإن من متابعة الأعمال الصالحة بعد رمضان بالإضافة إلى صيام السنن: المحافظة على الصلوات المسنونة؛ ومنها: السنن الراتبة وآكدها ركعتا الفجر؛ وصلاة الوتر، وصلاة الليل، وصلاة الضحى.

كما أن من متابعة الأعمال الصالحة بعد رمضان المحافظة على تلاوة القرآن الكريم بتدبُّرٍ وتفكر، والمحافظة على الأذكار المشروعة الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ مثل: أذكار الصباح والمساء.

ومن مُتابعةِ الأعمالِ الصّالحةِ بعدَ رمضانَ: الحِرصُ على بَذلِ الصّدقاتِ، ومُساعدةِ المُحتاجينَ، وإخراجُ الزّكاةِ الواجبةِ، ودَفعُها لمُستحقّيها عندَ حُلولِها.

وممّا يُعينُكَ على الاستمرارِ على أداءِ الطّاعاتِ: أنْ تَتَذَكَّرَ بانقضاءِ رمضانَ انقضاءَ العُمرِ، وبِمَضِيِّ أيّامِهِ مَضِيَّ الزَّمانِ، فالخُلودُ ليسَ لنا لهُ طريقٌ في الدُّنيا، وهو مُحالٌ على بَني البَشَرِ، فكما انتهى رمضانُ ستنتهي الأعمارُ، وكما مضى هذا الزَّمانُ سيمضي غيرُهُ حتّى تُسَلِّمَ الرُّوحُ لبارِئِها. ولكنَّ البَلِيَّةَ كُلَّ البَلِيَّةِ بطولِ الأملِ، الذي جعَلَ التَّسويفَ سَبَبًا مُهلِكًا لنا في التَّكاسُلِ عن الطَّاعاتِ، ولكنَّ المُوَفَّقَ مَن عَرَفَ حَقيقةَ الدُّنيا فلم تُغرِهِ، وعَرَفَ حَقيقةَ الآخرةِ فعمِلَ لها.

والمُوَفَّقُ مَنِ استَمَرَّ في مُجَاهَدَةِ نَفسِهِ على فِعلِ الطَّاعَاتِ، وتَركِ المَعَاصِي، حتّى يَلقَى رَبَّهُ تَعَالَى رَاضِياً مَرضِيًّاً.

قالَ تَعَالَى: (وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ).

اللَّهُمَّ ارزُقنَا الثَّبَاتَ على الطَّاعَاتِ، والمُواظَبَةَ على الصَّالِحَاتِ، والِاستِكثَارَ مِن الخَيرَاتِ، اللَّهُمَّ تَقبَّلْ مِنّا صِيَامَنَا وقِيَامَنَا وجَمِيعَ أَعمَالِنَا، رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعدَ إِذْ هَدَيتَنَا، وَهَبْ لَنَا مِن لَدُنكَ رَحمَةً، إِنَّكَ أَنتَ الوَهَّابُ. رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا، وَإِنْ لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الخَاسِرِينَ.

اللهم تقبل منا صالح أعمالنا، وارزقنا الاستقامة على دينك في رمضان وفي غير رمضان يا رب العالمين..

اللهم أعز الإسلام وانصر المسلمين، اللهم اجعل كلمتك هي العليا إلى يوم الدين، اللهم آمنا في وطننا وفي خليجنا، واجعل هذا البلد آمناً مطمئناً سخاءً رخاءً وسائرً بلاد المسلمين، اللهم وفق ولاة أمورنا لما تحب وترضى، اللهم وفق ملكنا حمد بن عيسى وولي عهده رئيس وزرائه سلمان بن حمد، وفقهم إلى ما تحب وترضى، وخذ بنواصيهم للبر والتقوى، وهيئ لهم البطانة الصالحة الناصحة يا رب العالمين.

اللهم أصلح أحوال المسلمين في كل مكان، اللهم أصلح قادتهم وعلماءهم وشبابهم وفتياتهم ونساءهم ورجالهم، يا ذا الجلال والإكرام.. اللهم انصر دينك وكتابك وسنة نبيك وعبادك الصالحين، اللهم انصر عبادك المستضعفين المظلومين في كل مكان، اللهم انصرهم في فلسطين وغزة، وفرج همهم، ونفس كربهم، واحقن دماءهم، واحفظ أعراضهم، وول عليهم خيارهم، اللهم ورد عنهم كيد الكائدين، وعدوان المعتدين يا رب العالمين.

اللهم اغفر ذنوبنا واستر عيوبنا، ونفس كروبنا وعاف مبتلانا واشف مرضانا، واشف مرضانا وارحم والدينا، وارحم موتانا وارحم موتانا برحمتك يا أرحم الراحمين.

الْلَّهُمَّ صَلِّ وَسَلَّمَ وَزِدْ وَبَارِكَ عَلَىَ سَيِّدِنَا وَنَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَىَ آَلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِيْنَ.

(سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ)