التثبت والتبين في نقل الأخبار
فضيلة الشيخ عدنان بن عبد الله القطان
19 جمادى الآخرة 1446 هـ – 20 ديسمبر 2024 م
الحمد لله الملك الحق المبين؛ أنار الطريق للسالكين، وأوضح السبيل للسائرين، وأقام حجته على الخلق أجمعين، نحمده حمد الشاكرين، ونستغفره استغفار التائبين، ونسأله من فضله العظيم؛ فهو الجواد الكريم، البر الرحيم، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له؛ رب العالمين، وجامع الخلق أجمعين، للحساب والجزاء يوم الدين، ونشهد أن محمداً عبده ورسوله النبي الأمين، والبشير النذير، والسراج المنير، والهادي إلى صراط مستقيم؛ صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد: فأوصيكم عباد الله ونفسي بتقوى الله، اتقوا الله تعالى وأطيعوه، وحاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، وزنوا أعمالكم قبل أن توزنوا؛ فإن الموعد قريب، وإن الحساب عسير، وإن الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها، فاعملوا ما ينجيكم في ذلك اليوم العظيم؛ (يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لَا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ)
معاشر المسلمين: من الأخلاق السامية، والصفات العالية، التي ينجو بها صاحبها من الورطات، ويتقي كثيراً من الإحراجات؛ التبين في الأمور، والتثبت في الأخبار، ولا سيما في هذا الزمن الذي يطير الخبر فيه كل مطار، فيبلغ كل الأقطار، حتى يصل إلى المدن والقرى والبوادي، بفضل وسائل التواصل السريع، والأجهزة الذكية المحمولة مع الإنسان على الدوام، والتي لا تفارقه في يقظة ولا منام، فأول ما يستيقظ عليها، وآخر ما ينام عليها. وقد جاء في الحديث الصحيح في قصة الرؤيا المنامية العظيمة التي رآها رسول الله صلى الله عليه وسلم في أخبار المعذبين في قبورهم، فذكر عليه الصلاة والسلام أنه رأى في جملة ما رأى رجلاً مستلقياً على قفاه، وآخر قائم عليه بكلوب من حديد فيأتي إلى أحد شقيه فيشرشر شقه إلى قفاه ومنخره إلى قفاه وعينه إلى قفاه، ثم ينتقل إلى شقه الآخر فيفعل به مثل ما فعل بالأول ثم يعود للأول فيجده عاد كما كان فيفعل به كما فعل، ويستمر في هذا العذاب)، وذكر عليه الصلاة والسلام في تمام الحديث لما سأل من هؤلاء؟ قيل له في حق هذا الرجل هو الرجل الذي يكذب الكذبة فتبلغ الآفاق. وهذا الأمر كان في الزمان الأول وصول الكذبة إلى الآفاق يحتاج إلى زمن وإلى شهور عديدة، أما في زماننا هذا ففي الثانية الواحدة وبضغطة زر في جهاز المرء الذي في يده تصل الكذبة الآفاق. ويكفي هذا الحديث الشريف زاجراً لكل من ينقل الأخبار أو ينشرها في وسائل التواصل الجماعي؛ أن يتثبت قبل أن ينشر، ويتبين قبل أن يكتب أو يقول لئلا يعذب بهذا العذاب الأليم بسبب نقل أخبار كاذبة تبلغ الآفاق. وكثيراً ما يكون الكذب على الله تعالى، أو على رسوله صلى الله عليه وسلم؛ وذلك بنقل أحكام تنسب للشريعة وهي غير صحيحة؛ كمن ينشر إباحة محرم، أو إسقاط واجب، أو تفسير آية على غير وجهها، أو ينشر حديثاً مكذوباً، أو يدعو الناس إلى عمل غير مشروع، وما أكثر ما يتناقله الناس في هذا الباب، ولا يدركون خطورة هذا الفعل؛ فهو داخل في الكذب الذي يبلغ الآفاق؛ كما أن صاحبه متوعد بشديد العذاب؛ لأنه قال على الله تعالى بلا علم، والله تعالى يقول: (قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ) ونقل الأحاديث المكذوبة على النبي صلى الله عليه وسلم كبيرة من كبائر الذنوب؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ كَذِباً عَلَيَّ لَيْسَ كَكَذِبٍ عَلَى أَحَدٍ، مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ)، وناقل الكذب كذاب؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (مَنْ حَدَّثَ عَنِّي بِحَدِيثٍ يَرَى أَنَّهُ كَذِبٌ فَهُوَ أَحَدُ الْكَاذِبِينَ)، ولذا فإنه يجب على المؤمن أن يحذر أشد الحذر، ويحتاط في هذا الباب، ويتبين ما ينشر، ويتثبت فيما يرسل؛ فلا ينشر شيئاً ولا يرسله لأحد حتى يتيقن أنه صحيح؛ لئلا يتناوله هذا الوعيد الشديد… أيها المؤمنون: ومن بلاء عدم التثبت والتبين نقل التهم في آحاد الناس أو في جماعة منهم؛ لمجرد أن الخبر ورد إلى هاتفه في رسالة أو عثر عليه في موقع من المواقع، ولا سيما إذا كان خبراً غريباً، فيسعى لنشره في معارفه لينال قصب السبق عندهم، ويظفر بحظوتهم، وقد يكون خبراً مكذوباً آثماً، يفري عرض مسلم بغير حق، والله تعالى يقول: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ) فهذا نداء من الله جل وعلا وخطاب كريم منه سبحانه لعباده المؤمنين؛ لأنهم الذين يلتزمون بأوامره ونواهيه، فيمتثلون ما أمروا به وينتهون عما نهوا عنه، وقال لهم (إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا) إن جاءكم شخص بخبر من الأخبار، (فتبينوا) تثبتوا من هذا الخبر، والسبب في ذلك قال تعالى: (أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ) فلربما بنيتم على هذا الخبر أمراً من الأمور، وتصرفتم تصرفاً من التصرفات، فأدى بكم ذلك إلى الخطأ الفاحش وإلى الغلط البين، فحينئذ تصبحون على ما فعلتم من هذه العجلة، وهذا الموقف المتسرع دون تثبت وتبين، تصيرون نادمين؛ لأنكم رأيتم ثمرة تعجلكم سيئة غير مقبولة، فماذا يضيركم أن تتثبتوا وأن تتبينوا قبل أن تتعجلوا؟
وهذا الأمر يحتاجه الإنسان في كل مراحل حياته، أن يكون عنده ضبط وتصفية لكل خبر يصل إليه، فلا يأخذ الخبر على ظاهره، ولا يبني عليه لأول وهلة، وإنما يتثبت مهما كان هذا الذي أخبرك من الناس موثوقاً عندك، وتأملوا رحمكم الله أن الآية جاءت مقيدة المجيء بالخبر على لسان الفاسق: (إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ) وهذا والله أعظم إشارة إلى أن الذين يحملون الأخبار الكاذبة يتصفون بهذا الوصف، وهو الفسق، وهو الخروج عن الطاعة والخروج عن الاستقامة وإلا فإن المؤمن لا ينقل إلا الأخبار الطيبة ولا يروي إلا الأحاديث الصادقة إصلاحاً وخيراً وبراً، وإحساناً إلى الناس… وما أشده من ندم لا ينفع صاحبه حين ينشر في مسلم تهمة كذباً، ويتبين له بعد نشرها أن التهمة فيه باطلة، فكيف يصل إليه يستسمحه؟ وكيف يصل إلى من أرسله إليهم ليحذفوه، وهم نشروه إلى غيرهم حتى بلغ الآفاق؟ كيف يطمسه أو يحذفه من الفضاء الإليكتروني وقد انتشر فيه؟ وكان يمكنه أن يتثبت قبل أن ينشر، وأن يتبين قبل أن يرسل، وما أعظم أذى المسلم عند الله تعالى، فكيف إذا كان أذى يمس سمعته، وينال من كرامته، والله تعالى يقول: (وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًاً) وفي حال الحروب والاضطرابات والنوازل التي تعصف بالمجتمعات البشرية؛ تكثر الإشاعات، ويتلمس الناس الأخبار، وتزهر سوق نقلة الكلام، وفي مثل هذه الأحوال يتأكد التثبت في الأخبار، والتبين في كل كلام، فلا ينقل المسلم إلا ما علم صدقه، أو لا ينقل شيئاً فيسلم؛ يقول تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَعِنْدَ اللَّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ كَذَلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُوا إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً) فأكد سبحانه على التبين في أول هذه الآية وفي آخرها؛ ليكون التبين نصب عيني المؤمن في أحوال الأزمات والنوازل والحوادث الكبرى، وفي آية أخرى يقول تعالى: (وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ)، فكل ما يتعلق بأمن الناس وخوفهم وأرزاقهم ومصالحهم ومعاشهم؛ لا يحل لأحد أن يرجم فيها بالغيب، أو يبث الشائعات والأراجيف، بل يصمت فيها ويرد الأمر إلى أهله؛ يقول صلى الله عليه وسلم: (وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ).
عباد الله: وفي هذا المقام أيضاً وضع النبي صلى الله عليه وسلم أساساً راسخاً لا بالنسبة للإنسان الذي يبلغه الخبر، ولا بالنسبة للناس الذين يتناقلون فيما بينهم الأخبار؛ روي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: (ألا لا يبلغَنَّ أحدٌ مِنكم عن أحدٍ من أصحابي شيئاً، فإنِّي أحبُّ أن أخرجَ إليهم وأنا سليمُ الصدرِ) تأملوا رحمكم الله إلى هذا المنهج الرشيد من هذا النبي الكريم: (ألا لا يبلغَنَّ أحدٌ مِنكم عن أحدٍ من أصحابي شيئاً) ينهاهم عليه الصلاة والسلام، ويقول: لا يحدثني بعضكم عن بعض بشيء مما تكرهونه فيما بينكم، وهذا يقتضي أن يكون مع التثبت أيضاً ستر الناس بعضهم على بعض، فلا خير في مجتمع يتناقلون فيه الأسرار، ويهتكونها ويشيعونها؛ لأن منهج الشريعة هي الستر، حتى لو وقع شيء من خطأ، فالمنهج الشرعي هو ستر الناس بعضهم على بعض، لا أن يشيعوا ما يقع وما تزل به الأقدام، وقد حذر الله من ذلك فقال: (إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ). اللّهمّ اعصِمنا من الزَّلَل، ونجِّنا من سوءِ الأقوال والأخلاق والأعمال، اللَّهمّ احفظ ألسِنتنا من الغيبة، والنميمة، والطعنِ، والهمز، واللَّمز، والسبِّ، والأذى ياذا الجلال والإكرام.
نفعني الله وإياكم بالقرآن العظيم، وبهدي سيد المرسلين، أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية
الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له مخلصين له الدين، ونشهد أن محمداً عبده ورسوله النبي الأمين، صلى الله وسلم عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه إلى يوم الدين.
أما بعد فيا أيها المسلمون والمسلمات: يقول الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ)
أيها المؤمنون: حتى لا يقع المجتمع المسلم في العنت والمشقة والهلاك، يقول الله تعالى للزوج: يا أيها الزوج تثبَّتْ فليس كل ما ينقل إليك عن زوجتك وأنت في الغربة أو في مكانٍ بعيدٍ هو حَقٌّ، فكم من زوج قد طلق زوجته بسبب الذين ينقلون الأخبار اليه بالخطأ، فَتَبَيَّنُوا أن تفرقوا الأسر وتشتتوا الأطفال وتضيعوا الجيل…
يا صاحب العمل ليس كل ما ينقل إليك من بعض الموظفين والعمال صحيحاً، فلا تقبل الخبر مباشرة، (فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ)، تقطع رزق موظف أو عامل عندك، فتشتت به الأسرة، وتحرم الأطفال والزوجة مما جعل الله لهم من العمل والرزق! يا أيها الجار: انتبه فليس كل ما ينقل إليك عن جارك الآخر حقاً، فتثبت وتبين (أَن تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ) … لذلك؛ كم من امرأة طلقت! وكم من موظف أو عامل طرد من عمله! وكم من شابة لم تتزوج! وكم من أم سقط قلبها بين يديها، وأصيبت بفاجعة، بسبب شخص أو امرأة اتصلت بها، وقالت لها: إن ابنك وهو مسافر حصل له حادث وانقلبت به السيارة ومات، فماتت الأم من الفزع والجزع، بل كم من دماء قد سفكت بسبب نقل الكلام الخطأ! وكم من أعراض قد انتهكت! وكم من أموال قد سلبت! بل وكم من تاجر أحياناً قد مات، جاءته سكتة قلبية بسبب نقل الأخبار، طلعت الأسهم أو نزلت، ضاعت بضاعته وغرقت سفينته.
إنَّ الإسلامَ عباد الله وضع معالمَ كاملةً لِعالَمٍ ومجتمعٍ رفيعٍ كريمٍ نظيفٍ سليمٍ، متضمِّنَّةً للقواعد التي يقوم عليها هذا المجتمع المسلم، والتي -والله! – تكفل قيامه أولاً، وصيانته ثانياً، وأخيراً؛ عالم ومجتمع مسلم يصدر عن الله، ويتوجه إلى الله، ويليق أن ينتسب إلى الله؛ مجتمع مسلم تقي القلب، نقي الفؤاد، نظيف المشاعر، عَفّ اللسان، وقبل ذلك عفيف السريرة.
مجتمع مسلم مؤدب مع الله عز وجل، ومع رسوله صلى الله عليه وسلم، يقول تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ ۖ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ)
مجتمع يحترم ويقدر رسول الله، فهو مجتمع مسلم مؤدب مع الله ورسوله، ومؤدب مع نفسه ومع غيره، (إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا)، ومؤدب في البواطن والظنون والتوقعات، كما قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ) إن الإسلام عباد الله له شرائعه المنظمة لأوضاعه، وله أنظمته التي تكفل صيانته، وهي شرائع وأنظمة تقوم على ذلك الأدب، وتنبثق منه، وتتسق معه، فتوافق باطنه مع ظاهره، سلامة السرائر، مع سلامة الألسن والجوارح.
وتتلاقى شرائع الإسلام مع مشاعره، وتتوازن دوافعه وزواجره وهو يتجه إلى الله عز وجل، ومن ثم لا يوكل قيام هذا المجتمع السليم لمجرد أدب وضمير؛ بل يتجه هذا إلى نظافة الشعور، وإلى سلامة التشريع والتنظيم، في انسجام بينهما.
نسأل الله العلي العظيم أن يصلح ألسنتنا وبيوتنا، وأن يحفظ علينا أعراضنا وبناتنا ونساءنا وأولادنا إنه سميع مجيب الدعاء.
اللهم احفظ مجتمعنا من كُلِّ شر، اللهم مَن أراد بمجتمعنا سوءاً فأشغِلْهُ بنفسه، واجعل كيده في نحره، واجعل تدميره في تدبيره.
اللَّهمّ احفظ ألسنتنا من الطعنِ بأعراض الناس، والهمز بخلق الله، واللَّمز بعبادك، واحفظ ألسنتنا من الغيبة والنميمة والبهتان والسبِّ وأذية الناس وشهادة الزور واجعلنا من الذين لا يقولون إلا خيراً يا رب العالمين..
اللهم أعز الإسلام وانصر المسلمين، اللهم اجعل كلمتك هي العليا إلى يوم الدين، اللهم آمنا في وطننا وفي خليجنا واجعل هذا البلد آمناً مطمئناً سخاءً رخاءً وسائرَ بلاد المسلمين، الْلَّهُمَّ وَفِّقْ وُلَاةَ أُمُوْرِنَا، وفق مَلِكِنَا حَمِدَ بْنَ عِيْسَىْ وَوَلِيَّ عَهْدِهِ رئيس وزرائه سلمان بن حمد، الْلَّهُمَّ وَفِّقْهُمْ لِمَا تُحِبُّ وَتَرْضَىَ وَخُذْ بِنَوَاصِيْهِمْ لِلْبَرِّ وَالْتَّقْوَىْ وَسَدِّدْ عَلَىَ طَرِيْقِ الْخَيْرِ خُطَاهُمْ، وَهَيِّئْ لَهُمْ الْبِطَانَةَ الْصَّالِحَةَ الْنَّاصِحَةَ يَا رَبْ الْعَالَمِيْنَ.
اللهم إنا نسألك أن تتقبل شهداءنا وشهداء المسلمين في كل مكان، اللهم أدخلهم الجنة مع عبادك المقربين، اللهم أغفر لهم وارحمهم، وعافهم وأعف عنهم، وأكرم نزلهم، وأسكنهم الجنة بجوار نبيك ومصطفاك محمد صلى الله عليه وسلم.
اللهم أصلح أحوالنا وأحوال المسلمين في كل مكان، اللهم ولي عليهم خيارهم ولا تسلط عليهم شرارهم يا ذا الجلال والإكرام
اللهم إنا نسألك أن تحمي أهل فلسطين وغزة، وأن ترفع عنهم البلاء والظلم. اللهم احفظهم بحفظك، وكن لهم معيناً ونصيراً،
اللهم إنا نسألك باسمك الأعظم أن تجعل المسجد الأقصى في حفظك وضمانك وأمانك فلا يدنسه غاصب، ولا يعتدي عليه ظالم يا جبار السماوات والأرض يا رب العالمين.
اللهم اغفر ذنوبنا واستر عيوبنا، ونفس كروبنا وعاف مبتلانا واشف مرضانا، واشف مرضانا وارحم والدينا، وارحم موتانا وارحم موتانا برحمتك يا أرحم الراحمين.
الْلَّهُمَّ صَلِّ وَسَلَّمَ وَزِدْ وَبَارِكَ عَلَىَ سَيِّدِنَا وَنَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَىَ آَلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِيْنَ.
(سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ)