الرحلات البرية آداب وأحكام
فضيلة الشيخ عدنان بن عبد الله القطان
9 جمادى الآخرة 1445 هـ – 22 ديسمبر 2023 م
_________________________________________
الحمد لله الذي هدى الأمة إلى دين الإسلام، وبيَّن لهم فيه الآداب الأحكام، نحمده سبحانه يكرِم من يشاء برحمته ويدخلهم الجنة دار السلام، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، ونشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبده ورسوله المبعوث رحمةً للأنام، اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك نبينا محمد، وعلى آله وصحبه الأئمة الأبرار الأعلام، والتابعين ومن تبعهم بإحسان ما تعاقبت الليالي والأيام.
أمّا بعد: فأوصيكم عباد الله ونفسي بتقوى الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)
معاشر المسلمين: لقد اعتاد الكثير من الناس في الأوقات المناسبة ذاتِ الهواءِ الطلق والأجواءِ اللطيفة الباردة، الممتلئةِ هدوءاً وجمالاً، وبهاءً وخضرةً وبهجة، أن يخرجوا للترويح عن النفس والأهل والأولاد والأصحاب والتمشّي والترفيه والنزهةِ وقضاءِ الساعات الطوال، والليالي ذواتِ العدد، بين نسمات الهواء العليل، وتحت ظل الشمس الهادئة. ومع أريج ضوء القمر، وبين جنبات حبات المطر، يخرجون في رحلاتٍ برية عديدة، منها ما تكون للصيد والترفيه، ومنها ما تكونُ للاستجمام والراحة وتغيير الجو والبقاء في البراري، والتأمل في الكون الذي يتجلى فيه كمالُ قدرة الله وعظمته، وإتقانُ صنعته، وبديع خلقه، فيزداد المؤمن إيماناً، وهو وسيلة تقضى بها الأوقات، وعمل له أصل من فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم والسلف الصالح رضوان الله عليهم. ومع اختلاف أنواع هذه الرحلات إلا أنها تحتاج إلى بيان وتفصيل، وتوضيح وتنبيه، ومناقشة وتوجيه؛ لما يتعلق بها من مسائل مهمة يغفل عنها كثير من الناس ويتجاهلونها، ولأنها من القضايا المهمةِ التي تَدْخُل في واقع الناس ويقضي جزءٌ كثير من الناس أوقاتهم خلالها.
أيها الأخوة والأخوات في الله: الإسلام دين يُسر وسُهولة، وفسحة وسماحة، وليس دينَ رهبانية وجمود، بل هو دين فيه الجد والترفيه وفيه الحزم والإجمام، وإنما يسهل قياد النفس والانتفاع منها أوقات الجد، حين يتعاهد إجمامها الفينة بعد الفينة. وقد صح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: كان يبدو للتلاع، ومعنى (يبدو) أي يخرج للبادية، و(التِّلَاع): مَجَارِي الْمَاء مِنْ أَعْلَى الْأَرْض إِلَى بُطُون الْأَوْدِيَة، وهي الأماكن البعيدة المرتفعة أو المنخفضة في الصحراء ليتأمل ويتفكر في الكون بعيداً عن الناس وصخب الحياة وهمومها. وجاء بإسناد صحيح أن الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه كتب إلى أمراء الأنصار، أن مروا الناس في أيام الربيع بالخروج إلى الصحراء، لينظروا إلى النور وإلى آثار رحمة الله عز وجل.
أيها المؤمنون: إن للخروج إلى هذه الأماكن من البر، أو الرحلات البرية، أو الشواطئ البحرية، آداباً وأحكاماً يحسن بالخارج إلى مثل هذه الأماكن التنبهُ إليها، والعملُ بها.
فمن الآداب المهمة أن يحرص العبد على الصحبة الصالحة التي تُعينه على الخير، وتدُلُّ عليه، وتُشجِّع عليه؛ إذ الصحبة السيئة لا تُعين على الخير إلا عادة أو موافقة؛ ولهذا يكثُر في مجالس غير الصالحين الغِيبة والنميمة، والسخرية والاستهزاء، والمزاح الثقيل، والسهر المُفرط الذي يؤدي إلى تضييع الصلوات المفروضة، فكل ذلك مَنهيٌّ عنه.
ومن الآداب التي ينبغي التأدبُ بها عند خروجنا لمثل هذه الأماكن: ذكر دعاء النزول، فقد صح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (مَنْ نَزَلَ مَنْزِلاً، ثُمَّ قَالَ: أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللهِ التَّامَّاتِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ، لَمْ يَضُرَّهُ شَيْءٌ، حَتَّى يَرْتَحِلَ مِنْ مَنْزِلِهِ ذَلِكَ) وصح أن رجلاً لدغته عقربٌ فلم يَنَم لَيلتَهُ تلك، فقيلَ للنَّبيِّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ، إنَّ فلاناً لدَغتهُ عَقربٌ، فلَم يَنَم ليلتَهُ، فقالَ: أما إنَّهُ لو قالَ، حينَ أمسى: أعوذُ بِكَلماتِ اللَّهِ التَّامَّاتِ مِن شرِّ ما خلقَ، ما ضرَّهُ لدغُ عقربٍ حتَّى يُصْبِحَ) فهذا الدعاء الذي يُقال عند النزول في أي مكان، كما يقال في الصباح والمساء، له أهمية كبيرة، ومفعول عجيب، فهو حريّ وكفيل بإذن الله أن يَمنع عنك لدغ العقارب والثعابين وغيرها، إلا ما شاء الله تعالى من الغفلة التي تصيب القائل أو الناسي الذي ينسى هذا الدعاء فيقع في مقدور الله تعالى. وجميل أن يعود المرء نفسه وأهله وأولاده وأصحابه الاستعاذة عند النزول، ليكون المرء في حفظ الله عز وجل.
عباد الله: والخروج للبر فيه فرصة سانحة لاكتساب الأجر برفع الأذان والصلاة، ففي الحديث الصحيح يقول صلى الله عليه وسلم: (يَعْجَبُ رَبُّكُمْ مِنْ رَاعِى غَنَمٍ في رَأْسِ شَظِيَّةٍ بِجَبَلٍ يُؤَذِّنُ بِالصَّلاَةِ وَيُصَلِّي، فَيَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: انْظُرُوا إِلَى عَبْدِى هَذَا يُؤَذِّنُ وَيُقِيمُ الصَّلاَةَ يَخَافُ مِنِّى فَقَدْ غَفَرْتُ لِعَبْدِى وَأَدْخَلْتُهُ الْجَنَّةَ). وقال صلى الله عليه وسلم لرجل: (إنِّي أراكَ تُحِبُّ الغنمَ والباديةَ، فإذا كنتَ في غَنَمِك أو باديتِك فأذَّنتَ بالصَّلاةِ فارفَع صوتَك، فإنَّهُ لا يسمَعُ مدى صوتِ المؤذِّنِ جنٌّ ولا إنسٌ، ولا شيءٌ، إلَّا شَهدَ لَه يومَ القيامَةِ) ومن الفرائض الواجبة على كل مسلم المحافظة على أداء الصلوات الخمس في أوقاتها، فالحذرَ، الحذر، من تضييع الصلاة أو التفريط في مواقيتها.. ومن المعلوم لدى كل مسلم ومسلمة أن من شروط الصلاة: استقبال القبلة، فيجب الاجتهاد في تعيين جهة القبلة بالسؤال أو معرفة العلامات، أو باستصحاب الآلات الحديثة التي تحدد الجهات.. وكذا يستحب المحافظة على النوافل كالوتر وسنة الضحى، وأما السنن الرواتب فإن كان المكان في حكم السفر فيصلي راتبة الفجر فقط، وإن كان في حكم الإقامة فيصليها جميعاً مع الفرائض أربعاً قبل الظهر وركعتين بعدها، وركعتين بعد المغرب، وركعتين بعد العشاء، وركعتين قبل الفجر. وكذا مراعاة أحكام القصر والجمع في الصلاة، فإن كان محل الرحلة أو النزهة يعد سفراً خارج البلاد، فيشرع لهم قصر الصلاة الرباعية، والأفضل عدم الجمع إلا أن يحتاجوا إليه، كما لو كانوا في شدة برد أو مع قلة الماء، فلهم الجمع بين الصلاتين، وهذا في النزهة التي تعد سفراً يُحمل فيها الزاد والمزاد… ويحسن أن يصلي المسلم هناك على الأرض مباشرة ولو في بعض الأحيان، فهو أبلغ في الذل للرب العظيم، وفيه اقتداءٌ بالنبي الكريم صلى الله عليه وسلم.
قال ابن القيم رحمه الله: وكان رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يسجدُ على الأرض كثيراً، وعلى الطين والخُمْرَةِ المتَّخذة من خُوص النخل، وعلى الحصير المتَّخذ منه، والفروة المدبوغة) ويشرع أيضاً الصلاةُ في الخف والحذاء والنعال إذا كانت نظيفة فإنها من السنن الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم، وربما لا يتهيأ تطبيقها إلا في مثل تلك الرحلات.
ومن الآداب الشرعية المحافظة على الأذكار المشروعة في البر، كأذكار الصباح والمساء، وأذكار النوم، وعند هبوب الرياح ونحو ذلك، ومذاكرة ذلك بين الأهل والأولاد والأصحاب، وتعليمه للصغار ليتعودوا عليها.
عباد الله: ومما ينبغي التنبيه عليه أن بعض الناس قد تصيبه الجنابة في رحلات البر، فيستحي من ذلك ويؤخر الغسل إلى أن يرجع إلى البيت، وتمر عليه فروضٌ يصليها جنباً، وهذا منكر عظيم، ولذا ينبغي في الرحلات التي يكون فيها مبيتٌ تهيئةُ مكانٍ للغُسل، وهو ميسور الآن ومتوفر ولله الحمد في محلات لوازم الرحلات. فيحرم على المسلم أن يترك الصلاة بحجة الجنابة، كما يحرم عليه أن يصلي جنباً وهو يقدر على الغسل، أما لو عجز عن الغسل لعدم الماء أو لتضرره باستعماله كما لو كان البرد شديداً وليس عنده ما يسخن به الماء فيباح له التيمم حينئذ... ومن الآداب التي يجب مراعاتها في البر غض البصر عما لا يحل النظر إليه، فإن بعض ضعاف النفوس يستغل خروج العوائل وتمشيهم في البر فيتتبع محارم المسلمين وينظر إلى ما حرم الله عليه، بل ربما بالغ بعضهم فاصطحب معه مكبراً ليرى ما يريد من بعيد، وهذا يدل على مرض القلب. يقول تعالى: قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ۚ ذَٰلِكَ أَزْكَىٰ لَهُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ) كما يجب مراقبة الله والابتعاد عن جميع المعاصي والمحرمات، يقول صلى الله عليه وسلم: اتَّقِ اللهَ حيثُما كنتَ، وأتبِعِ السَّيِّئةَ الحسَنةَ تَمْحُهَا، وخالِقِ النَّاسَ بخُلُقٍ حَسنٍ) ومن الآداب المرعية في البرِّ أن يُطفئ المسلم النار عند نومه: فعَنْ أَبِي مُوسَى الأشعري رضي الله عنه قَالَ: (احْتَرَقَ بَيْتٌ بِالْمَدِينَةِ عَلَى أَهْلِهِ، فَحُدِّثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِشَأْنِهِمْ، فَقَالَ: (إِنَّمَا هَذِهِ النَّارُ عَدُوٌّ لَكُمْ، فَإِذَا نِمْتُمْ فَأَطْفِئُوهَا عَنْكُمْ) ومن الآداب أن يعتني المسلم بنظافته، ونظافة المكان الذي هو فيه، ويتركه كما كان أو أحسنَ مما كان قدر الإمكان، وهذا مما جاء به الشرع وحث عليه، ومن المظاهر المؤسفة إهمالُ هذا الجانب عند بعض المتنزهين حتى هُجرت بعضُ الأماكن الجميلة بسبب إفساد بعض الذاهبين إليها برمي المخلفات والفضلات.
وقد حذر صلى الله عليه وسلم من فعل مثل ذلك فقال: (مَنْ آذَى الْمُسْلِمِينَ فِي طُرُقِهِمْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ لَعْنَتُهُمْ) ولذا ينصح بجعل مكان تجمع فيه الفضلات ثم توضع في المكان المخصص لها، وهذا مطلب شرعي، ومظهر حضاري، وأسلوب تربوي للصغار وغيرهم.
كما ينبغي المحافظة على البيئة وعدم إفساد الأشجار والأعشاب ليبقى المكان جميلاً، وكذا مراعاة الأنظمة المقررة في هذا الجانب من قبل اللجنة العليا للتخييم، والدفاع المدني ووزارة الصحة ووزارة البلديات، والتي تحقق المصلحة العامة للجميع.
إنَّ المسلم في أي مكان حلَّ، وفي أي بقعة نزل، يُرى فيه الخير والصلاح والخُلُق السديد.
نسأل الله تعالى أن يجعل حياتنا كُلَّها عبادةً لله سبحانه، وأن يوفِّقنا لحُسْن عبادته، وذكره، وشُكْره إنه سميع الدعاء.
نفعني الله وإيّاكم بالقرآن العظيم، وبهديِ سيد المرسلين، أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيمَ الجليل لي ولكم ولسائرِ المسلمين من كلّ ذنبٍ فاستغفروه، إنّه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية
الحمد لله ولي الصالحين، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له إله العالمين، ونشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبده ورسوله إمام المرسلين، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد فيا أيها المسلمون والمسلمات: ومن الآداب والتوجيهات التي يجب مراعاتها في الرحلات البرية وغيرها، الستر والعفاف والحشمة والحياء في جانب النساء والفتيات، فيجب عليهن الالتزام بالحجاب الشرعي إذا كان هناك رجال غير محارم كابن العم أو زوج الأخت أو الغريب. والملاحظ أنه يقع التساهل في ذلك في النزهات والرحلات البرية، فينبغي أن يكون مكان النساء منعزلاً ومحققاً لهذا المقصد، ولأجل أن تأخذ المرأة راحتها في دخولها وخروجها، فيراعى هذا الأمر من غير تساهل أو تشديد. كما يجب مراعاة حق المجاورين من مخيمك حتى في أماكن النزهة، فيكف المرء أذاه عن جاره فلا يؤذيه برمي الفضلات عنده، أو رفع الأصوات المزعجة، أو النظر إلى محارمه، أو الاعتداء على شيء من أغراضه بغير إذنه، بل يشرع إكرامه وبذل المعروف له.
أيها الأخوة والأخوات في الله: إن للتنزه في الحدائق العامة والخاصة، وفي الرحلات البرية فوائد كثيرة منها: التَّرويح عن النفس ودفع الملل والسَّآمة، وتخفيف ضغوط الحياة وهموم المعيشة، وقد صح في الحديث: إنَّ لنَفْسِكَ عليكَ حقًّا، ولِرَبِّكَ عليكَ حقًّاً، وإنَّ لِأهلِكَ عليكَ حقًّاً؛ فأَعْطِ كلَّ ذي حقٍّ حقَّهُ)
ومن الفوائد حسن العشرة مع الأهل والأولاد وإدخال السرور عليهم، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم (خَيْرُكُمْ خَيْرَكُمْ لأهلِهِ وأنا خَيْرُكُمْ لأهلِي) ومن الفوائد توثيق روابط المحبة والألفة بين أفراد العائلة، وقرب الأب من أولاده بحيث يزيد من معرفته لأولاده، فإن الأبناء ينمون سريعاً، ويتغيرون مع هذا النمو من جهة تفكيرهم وشخصيتهم واهتمامهم مما لا يظهر إلا في مثل هذه الرحلات، وكذا فهي تزيد من محبة الأبناء لأبيهم لأنهم يرونه معهم حاضراً مشاركاً متبسطاً معهم… ومن الفوائد تقوية أواصر الرحم في رحلات الأقارب، وروابط الأخوة في رحلات الأصدقاء، وهذا مقصد شرعي عظيم دلت عليه نصوص في الشريعة، فصِلَةُ الأرحام مقصودٌ عظيمٌ، وعمَلٌ صالح أجْرُه كبير، وفضلُه واسعٌ، وأثرُه ظاهر.
عباد الله: ومن فوائد الرحلات البرية اكتساب خبرات ومهارات جديدة تفيد الإنسان في حياته العامة وتفيد أولاده مثل التعرف على الأماكن واكتساب الخبرة في معرفة الجهات والطرق، وكيفية نصب الخيام، وطبخ الطعام، وغير ذلك. ومنها تعويد النفس والأولاد على الخشونة وترك التنعم والمألوف في حياة البر التي تختلف عن حياة المنزل في المدينة.
ولما بعث النبي صلى الله عليه وسلم معاذاً إلى اليمن قال له: (إيَّاك والتَّنَعُّمَ فإنَّ عبادَ اللهِ ليسوا بالمُتَنَعِّمينَ). ويروى عن أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه قوله: اخشوشنوا فإنَّ النعم لا تدوم... أيها الأخوة والأخوات في الله: وينصح بأن تتضمن الرحلات البرية بعض الفوائد والبرامج الثقافية المفيدة، كالمسابقات الثقافية والعلمية، وتدريب الشباب على إلقاء الكلمات والخطابة وغيرها. ومما يحسن في الرحلات: إقامة مجالس الأدب والسمر التي تلقى فيها القصائد المشتملة على الحكم والنصائح، وتروى فيها النوادر والقصص المفيدة عن السابقين من الأجداد ومن قبلهم، وهذه مفيدة للشباب في تكوينه وتربيته، مع البعد في ذلك كله عن غيبة الناس أو الفحش في القول. ومع هذا كله فلا تخلو المجالس من ذكر الله والصلاة على نبيه صلى الله عليه وسلم حتى لا تنقلب حسرة على أصحابها، كما جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ما جَلَس قومٌ مجلسًا لم يذكروا اللهَ فيه ولم يُصلُّوا على نبيِّهم إلَّا كان عليهم تِرةٌ فإن شاءَ عذَّبَهم وإن شاءَ غفَر لهم) والترة الحسرة والندامة… نسأل الله تعالى أن يعلّمنا الكتاب، والحكمة، ويفقهنا في الدين... اللهم اهدنا لأحسن الأخلاق والأعمال والأقوال لا يهدي لأحسنها إلا أنت، واصرف عنا سيئها لا يصرف عنا سيئها إلا أنت... اللهم ارزقنا حسن الخلق، وحلاوة اللسان، وسعة الصدر، وسلامة القلب، اللهم أنعم علينا بنعمة العلم والإيمان، ولا تحرمنا خير ما عندك بشر ما عندنا، وحُل بيننا وبين معصيتك، واجعل ذكرك يا الله حصناً لنا من شرور أنفسنا وسيئات خواطرنا يا ذا الجلال والإكرام... اللهم إنا نسألك الجنة وما قرب إليها من قول أو عمل، ونعوذ بك من النار وما قرب إليها من قول أو عمل، ونسألك الهداية والصلاح.. اللهم أعز الإسلام وانصر المسلمين، اللهم اجعل كلمتك هي العليا إلى يوم الدين، اللهم آمنا في وطننا وفي خليجنا واجعل هذا البلد آمناً مطمئناً سخاءً رخاءً وسائرَ بلاد المسلمين، الْلَّهُمَّ وَفِّقْ وُلَاةَ أُمُوْرِنَا، الْلَّهُمَّ وفق مَلِكِنَا حَمِدَ بْنَ عِيْسَىْ وَوَلِيَّ عَهْدِهِ رئيس وزرائه سلمان بن حمد، الْلَّهُمَّ وَفِّقْهُمْ لِمَا تُحِبُّ وَتَرْضَىَ وَخُذْ بِنَوَاصِيْهِمْ لِلْبَرِّ وَالْتَّقْوَىْ وَسَدِّدْ عَلَىَ طَرِيْقِ الْخَيْرِ خُطَاهُمْ، وَهَيِّئْ لَهُمْ الْبِطَانَةَ الْصَّالِحَةَ الْنَّاصِحَةَ يَا رَبْ الْعَالَمِيْنَ..
اللهم كن لإخواننا المستضعفين في فلسطين وغزة ناصراً ومؤيداً ومعيناً، اللهم أفرغ عليهم صبراً واحقن دمائهم وفرج همهم ونفس كربهم، وانصرهم على القوم الظالمين، اللهم آوهم وأطعمهم وأسقهم واكسهم واجبر كسرهم وتولهم، واحفظهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم ومن فوقهم ونعيذهم بعظمتك أن يُغتالوا من تحتهم.
اللهم لا تسلط عليهم من لا يخافك ولا يرحمهم… اللهم ألف بين قلوبهم واجمع كلمتهم ووحد صفوفهم على بغى عليهم.
اللهم أحفظ المسجد الأقصى والمرابطين فيه، مسرى نبيك وحصنه بتحصينك وأكلاه برعايتك وعنايتك واجعله في حرزك وأمانك وضمانك يا ذا الجلال والإكرام… اللهم اغفر ذنوبنا واستر عيوبنا، ونفس كروبنا وعاف مبتلانا واشف مرضانا، واشف مرضانا وارحم والدينا، وارحم موتانا وارحم موتانا وشهدائنا برحمتك يا أرحم الراحمين.
الْلَّهُمَّ صَلِّ وَسَلَّمَ وَزِدْ وَبَارِكَ عَلَىَ سَيِّدِنَا وَنَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَىَ آَلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِيْنَ.
(سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ)