خطبة الجمعة.. سلوا الله العفو والعافية

سلوا الله العفو والعافية

فضيلة الشيخ عدنان بن عبد الله القطان

20 محرم 1446 هـ – 26 يوليو 2024 م

 

الحمد لله الرحيم بعباده، الذي أسبَغ على الناس النِّعمَ، وحذّرهم النّقم وشكر لهم الطاعات، ودعاهم إلى التوبةِ من السيئات، يحبّ العفوَ والعافية في الدنيا والآخرة، ونشهد أن لا إلهَ إلا الله وحدَه لا شريك له الحليم القدير، ونشهد أنّ سيدنا ونبيّنا محمّداً عبده ورسوله البشير النذير والسِّراج المنير، صلى الله وسلم وبارك عليه، وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.  أمّا بعد: فيا عباد الله أوصيكم ونفسي بتقوى الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)

معاشر المسلمين: إن نعم الله تعالى علينا كثيرة، ومن كثرتها لا نستطيع عدها أو إحصائها؛ يقول الله تعالى: (وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ) ومن أجل النعم التي أنعم الله بها علينا بعد نعمة الإسلام والإيمان، نعمة العافية، ومعنى العافية هي السلامة في الدين من الفتن، وفي البدن تعني السلامة والصحة من الأمراض والأسقام، وفي الأهل والمال تعني السلامة من جميع الابتلاءات والمصائب، والعافية يا عبد الله لولاها لَما شعرتَ بلذة محبوب، وطعم موهوب، ولولاها لَما طلبتَ كل شهيٍّ ومرغوب ولولاها لتكدرتْ حالُك وانشغل بالك، ولولا العافية لم يكن لك قرار وثبات واستقرار، ولولاها لم تتزوج وتطلب المال وترغب في الحياة والعيال، ولولاها لم يدُمْ لك مطعم وشراب، ولا ما اشتهيتَ مما لذَّ وطاب، نعمة العافية لا تصلح الدنيا إلا بها، ولا العيش والأمن إلا في أجوائها، بها ينال المرء كل مطلوب، ويسعد في كل مرغوب، نعمة العافية تُذهِب القلق وهموم الحياة، وتزيل الشقاء والعناء، إنها سُلَّمُ الأمان، وتاج الأبدان، وأنس السعداء، ومنَّةُ الصلحاء، إنها حصانة من الفتن، ووقاية من المحن، إنها أهنأ عطية، وأفضل قسمة مرضية، لا يعدلها شيء ولا يساويها شيء، إنها من أفضل النعم، وأهنأ العطاء والكرم، إنها نعمة جديرٌ بنا أن نتحدث عنها في هذا العصر والزمان الذي تكثر فيه الفتن والابتلاءات، وتنتشر فيه الأمراض والأسقام والأوجاع. نعمة العافية، وما أدراك ما العافية!  هي العيشة الرضية الهنية، والسعادة الأبدية، والراحة الروحانية، لا عيش أهنأ منها، ولا لباسَ أحسن من لباسها، إذا فُقدت عُرفت، وإذا دامت جُهلت، هي تاج عظيم على رؤوسنا لن نشعر بقيمتها وفضلها إلا إذا فقدناها؛ ولهذا قالوا: (الصحة تاج على رؤوس الأصحاء لا يعرف قدرها إلا المرضى)، نعم، يا عبد الله إذا أردت أن تعرف قدر نعمة الله عليك وعافيته بك، فاذهب إلى أقرب مستشفًى أو مركز صحي لترى العجب العجاب، فهذا مريض يئنُّ من شدة المرض، وذاك يصرخ من قوة الألم، والآخر يبكي بأعلى صوته، ورابع يعيش في غيبوبة دون حس أو وعي، وخامس ينزف الدم من جسده، وسادس لا يستطيع العيش إلا والأكسجين على أنفه، والسابع معاق قد فَقَدَ عضواً من أعضائه، والثامن في غرفة الإنعاش؛ يقول النبي صلى الله عليه وسلم كما في الحديث الصحيح: (نِعْمَتَانِ مَغْبُونٌ فيهما كثيرٌ من الناس: الصحةُ، والفراغُ) فالحمد لله أولًا وآخراً وظاهراً وباطناً، وله الحمد والشكر حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه، كما يحب ربنا ويرضى.

أيها الأخوة والأخوات في الله: لقد كان رسولنا صلى الله عليه وسلم يسأل ربه العافية في كل يوم من أيامه؛ فكان يقول صلى الله عليه وسلم من ضمن أذكاره اليومية في الصباح والمساء: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْعَافِيَةَ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ فِي دِينِي وَدُنْيَايَ وَأَهْلِي وَمَالِي…) بل كان صلى الله عليه وسلم يخصص الدعاء بالعافية لبدنه وسمعه وبصره؛ نظراً لأهمية العافية في هذه المواضع المهمة؛ فيقول صلى الله عليه وسلم:  (اللَّهُمَّ عَافِنِي فِي بَدَنِي، اللَّهُمَّ عَافِنِي فِي سَمْعِي، اللَّهُمَّ عَافِنِي فِي بصري لا إله إلاَّ أَنْتَ)

فيسأل الله العافية في بدنه كله؛ لأنه بالعافية يقوم الإنسان ويتحرك لطاعة الله، وبسلامة الأعضاء من الآفات والأمراض يتمكن المرء من مزاولة الطاعات وأداء الواجبات، والعافية

هي نعمة الدنيا والآخرة، وهي من أجلِّ نعمِ الله على العبد، ولباس العافية من أجمل الألبسة وأعلاها وأغلاها؛ لذا سأل النبي صلى الله عليه وسلم من ربه العافية في بدنه وسمعه وبصره، والبصر نعمة عظيمة ينعم الله بها على عباده، ومن فقدها فَقَدْ فَقَدَ شيئاً كثيراً، يقول بكر بن عبدالله المزني رحمه الله: (يا ابن آدم، إذا أردتَ أن تعلم قدر ما أنعم الله عليك، فاغمِّض عينيك)، أغمض عينيك دقيقة واحدة، وتخيل أنك أعمى لا ترى شيئاَ في حياتك كلها، وستعلم فضل الله عليك بالعافية لك في بصرك؛ قيل لرجل وكان أعمى: ماذا تتمنى؟ قال: أتمنى أن أبصر فقط؛ لأرى قول الله سبحانه وتعالى: (أَفَلَا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ) فإني لا أتمنى شيئاً إلا حينما أمرُّ على هذه الآية وأقرؤها، أتمنى أن أرى؛ لأن الله أمر بتمعن النظر فيها، فتمنيتُ النظر لأنظر إليها نظرةَ اعتبار وتفكر. أعان الله من أصيب بالعمى في عينيه، وعوضه الله بهما الجنة، إذا صبر واحتسب.

فاسألوا الله العافية يا عباد الله، وأكثروا من دعاء الله بالعافية؛ فعن العباس بن عبدالمطلب رضي الله عنه، عم رسول الله صلى الله عليه وسلم،  قال: قلتُ يا رسولَ اللَّهِ علِّمني شيئاً أسألُهُ اللَّهَ، قال له سلِ اللَّهَ العافِيةَ، فمَكثتُ أيَّاماً ثمَّ جئتُ فقلتُ: يا رسولَ اللَّهِ علِّمني شيئاً أسألُهُ اللَّهَ، فقالَ لي: يا عبَّاسُ يا عمَّ رسولِ اللَّهِ سلِ اللَّهَ العافيةَ في الدُّنيا والآخرةِ) ، ويقول صلى الله عليه وسلم في حديث آخر: (سلوا الله العافية؛ فإن أحداً لم يُعطَ بعد اليقين خيراً من العافية)، ويقول أحد الصالحين: (أكثروا من سؤال الله العافية؛ فإن المبتلى وإن اشتد بلاؤه لا يأمن ما هو أشد منه، وليس المبتلى بأحق بالدعاء من المعافى الذي لا يأمن البلاء)، ويقول سفيان الثوري رحمه الله: نحن لا نخاف من البلاء، وإنما نخاف مما يبدو منا حال البلاء من السخط والضجر والملل، ثم يقول: والله ما أدري ماذا يقع مني لو ابتُليتُ، فلعلي أكفر ولا أشعر) عياذا بالله، فاحمدِ اللهَ سبحانه يا عبد الله على نعمة العافية، احمده على أنك تأكل وتشرب وتخرج وتتحرك وأنت صحيح معافًى، ولتتذكر كم من مريض عنده أطيب أنواع المأكولات، وأفخر أنواع العصائر والمشروبات، ولكنه لا يستطيع الأكل والشرب بسبب مرارة فمه؛ فحُرم بذلك التلذذ بالطعام والشراب! فإذا لم تُحرم هذه النعم، فاحمد الله واشكره كثيراً على ذلك، ولا تفكر في نوعية الطعام أو قيمته، ولكن فكِّر في نعمة العافية التي طيبته، ولتعلم كذلك أن الرزق دون عافية لا يساوي شيئاً ولو كثُر، وكل شيء دون عافية لا يساوي شيئاً ولو شرف؛ لأن مفتاح النعيم هو العافية، وباب الطيبات هو العافية، وكنز السعادة هي العافية، ومن رُزق العافية، فقد حاز نفائس الأرزاق كلها؛ قال رجل لصاحبه وكانا ينظران إلى الدور والقصور: أين نحن حين قُسمت هذه الأموال؟ (كأنه يعترض على الله عياذا بالله) وكان صاحبه أعقل منه وأحكم، فأخذ بيده وذهب به إلى المستشفى، وقال له: أين نحن حين قسمت هذه الأمراض؟ فسكت الرجل، وعلِم أن العافية لا يساوي قدرها شيء، وكم من إنسان عنده من المتاع والدور والقصور، ولكن تنقصه العافية! يقول صلى الله عليه وسلم: (من أصبح منكم آمنًا في سِرْبِهِ، معافًى في بدنه، عنده قوت يومه وليلته فقد حِيزت له الدنيا بحذافيرها)، وقال الله تعالى: (وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ)

أيها المسلمون والمسلمات: نعمة العافية كنز لا يساويه أو يوازيه أي كنز من كنوز الدنيا؛ فَسَلُوا الله العافية في الإيمان، وسلوا الله العافية في الدين والثبات عليه حتى الممات، وسلوا الله العافية في اليقين والسلامة من الشكوك والوساوس، وسلوا الله العافية في الجسد، وسلوه العافية في المال والأهل والولد، فما طاب طعام إلا بالعافية، ولا لذَّ مشروب إلا بالعافية؛ ولذلكم كان الحجاج بن يوسف الثقفي – على ما فيه من صلف وظلم وقسوة – جواداً كريماً لا تخلو

مائدته من آكلٍ، وذات يوم كان خارجاً للصيد، وكان معه أعوانه وحاشيته، ولما حضر غذاؤه، قال لهم: التمسوا من يأكل معنا، فتفرقوا كل جهة فلم يجدوا إلا أعرابيًّا، فأتَوا به إليه، فقال له الحجاج: هلمَّ فكُلْ، فقال: لقد دعاني مَن هو أكرم منك فأجبته، قال: من هو؟ قال: الله دعاني إلى الصوم، قال: تصوم في مثل هذا اليوم الحار؟ قال: صمتُ ليومٍ هو أشد حرًّا منه، قال: أفطر وصُمْ غداً، فقال الأعرابي: أيضمن لي الأمير أن أعيش إلى غد؟ فقال: إنه طعام طيب، فقال الأعرابي: والله، ما طيَّبه خبازك ولا طباخك، ولكن طيبته العافية.

عباد الله: إننا والله نعيش في غفلة كبيرة جدّاً عن هذه النعمة العظيمة؛ نعمة الصحة والعافية، وسلامة أعضائنا من الآفات والأمراض والعيوب، فلنتذكر دائماً هذه النعمة الجليلة، ونشكر الله سبحانه وتعالى عليها قبل أن نفقدها؛ يقول النبي صلى الله عليه وسلم:  (بادِروا بالأعمالِ سبعاً هل تَنتَظِرونَ إلا فقراً مُنسِياً أو غنىً مطغِياً أو مرضَاً مفسِداً، أو هرَماً مفنِّداً ،أو موتاً مجهِزاً أو الدَّجَّالَ فشرُّ غائبٍ ينتظرُ، أو السَّاعةَ فالسَّاعةُ أدهى وأمرّ)

فاغتنموا رحمكم الله صحتكم وعافيتكم قبل حلول المرض وتدهور الصحة وذهاب العافية؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: اغْتَنِمْ خَمْساً قبلَ خَمْسٍ: وذكر منها: شَبابَكَ قبلَ هِرَمِكَ، وصِحَّتَكَ قبلَ سَقَمِك)  

اللهــم أدِمْ علينا نعمة الصحة والعافية في أبداننا، والإيمان في قلوبنا والأمن في أوطاننا، واشف مرضانا، وعاف مبتلانا، برحمتك يا أرحم الراحمين.

نفعني الله وإيّاكم بالقرآن العظيم، وبهديِ سيد المرسلين، أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيمَ الجليل لي ولكم ولسائرِ المسلمين من كلّ ذنبٍ فاستغفروه، إنّه هو الغفور الرحيم.

 

 

 

الخطبة الثانية

الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيّئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضلَّ له، ومن يضلِل فلا هاديَ له، ونشهد أن لا إلهَ إلا الله وحده لا شريكَ له، ونشهد أنّ محمّداً عبده ورسوله، صلّى الله عليه وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسان

أما بعد فيا أيها المسلمون: مَنْ رزَقَه اللهُ العافيةَ فقد نجا وأفلَح، وسَعِدَ وأنجَح، ومَنْ أراد دوامَ العافية والسلامة فليتَّقِ اللهَ عز وجل؛ فإنَّ مَنِ اتَّقَى اللهَ لَبِسَ العافيةَ، وحَمِدَ العاقبةَ.

قال بعض أهل العلم: (من أراد دوام العافية والسلامة فليتقِ الله عز وجل، فالملازم لطريق التقوى لا آفة تَطرُقه ولا بليَّة تنزل به، هذا هو الأغلب فإن وُجِدَ مَن تطرُقه البلايا مع التقوى فذاك في الأغلب لتقدُّم ذنبٍ يُجازى عليه).

ومِنَ الناسِ مَنْ غابت رقابة الله عندَه، وضعفت خشيتُه في نفسه، فلم يكُفَّ جوارحَه عن معصية ربه، والوقوعِ في مخالَفة أمره، وقد يغترُّ بستر الله وإمهالِه له، وتُعجِبُه معصيتُه؛ فيتباهى بها أمامَ الناس، ويجهر بالموبِقات، ويُعلِن بها كأنه يدعو إليها غيرَه، فيعاقِبُه اللهُ بأن يهتِكَ سترَه، وينزع عنه عافيته قال صلى الله عليه وسلم: كُلُّ أُمَّتي مُعافًى إلَّا المُجاهِرِينَ، وإنَّ مِنَ المُجاهَرَةِ أنْ يَعْمَلَ المرء باللَّيْلِ عَمَلاً، ثُمَّ يُصْبِحَ وقدْ سَتَرَهُ اللَّهُ عليه، فَيَقُولَ: يا فُلانُ، عَمِلْتُ البارِحَةَ كَذا وكَذا، وقدْ باتَ يَسْتُرُهُ رَبُّهُ، ويُصْبِحُ يَكْشِفُ سِتْرَ اللَّهِ عنْه).وكم من إنسان يسخِّر نعمَ العافيةِ الدنيويةَ، في سخط رب البرية؛ بأن يترك ما أمَر اللهُ به، ويتعدَّى حدودَه، ويرتكبَ معاصيَه، فإذا نُودي إلى الصلاة استهان بشأنها، ولم يكن من أهلها، وإذا دُعِيَ إلى التزام ما أوجَب اللهُ عليه، امتَنَع واستكبر، وأنكَر على مَنْ أسدَى النصحَ إليه، وكم مِنْ إنسان تحفُّه العافيةُ وتغمرُه، فلا تخطر بباله الآلامُ والبلايا، ويبلغ به الأمرُ مداه في اتباع هواه؛ بأن يَسخَر من أهل البلاء، ولا يحمدَ اللهَ أن سلَّمَه وعافاه.

رُوِيَ عن عيسى عليه السلام، أنه أوصى الحواريين بوصية، منها قوله: (والناس صنفان: معافى ومبتَلًى؛ فارحموا أهلَ البلاء في بليتهم، واحمَدُوا اللهَ على العافية).

فإذا أردنا أن يدوم الله علينا عافيتنا ويبارك لنا في صحتنا فلنستعمل جوارحنا في طاعة ربنا فإن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (احفظ الله يحفظك) وقد كانوا قديماً يبلغ الواحد منهم مئة عام أو أكثر وهو لازال متمتعاً بقوته وعافيته وعقله، فقال بعضهم هذه جوارح حفظناها عن المعاصي في الصغر فحفظها الله علينا في الكبر… فما أحوَجَنا ونحن مطمئنونَ في حصن العافية إلى اليقظة والإفاقة، والتوبةِ والإنابةِ، والدعاءِ وقتَ الرخاءِ، قبلَ نزول البلاء، قال عبد الأعلى التيميُّ رحمه الله: (أكثِرُوا سؤالَ العافية؛ فإنَّ المبتلى وإنِ اشتدَّ بلاؤُه ليس بأحقَّ بالدعاء من المعافى الذي لا يأمَن البلاءَ، وما المبتلَوْنَ اليومَ إلا من أهل العافية بالأمس، وما المبتَلَوْنَ بعد اليوم إلا من أهل العافية اليومَ، فما يأمَنُ مَنْ أطالَ المُقامَ على معصية الله، أن يكون قد بقي له في بقيةِ عمرِه من البلاء ما يَجْهَدُه في الدنيا، ويفضَحُه في الآخرة). وقال العلامة ابن الجوزي رحمه الله: (السعيدُ مَنْ ذَلَّ لله، وسأل العافيةَ، فإنه لا يُوهَب العافيةَ على الإطلاق؛ إذ لابد من بلاء، ولا يزال العاقل يسأل العافية ليتغلَّب على معظم أحواله، وينبغي للإنسان أن يعلم أنه لا سبيل إلى محبوباته خالصةً، ففي كُلِّ جرعةٍ غُصَصٌ، وفي كل لقمة شجاً، وعلى الحقيقة ما الصبر إلا على الأقدار، وقلَّ أن تجري الأقدارُ إلا على خلافِ مرادِ النَّفْسِ، فالعاقلُ مَنْ دارى نفسَه في الصبر بوعدِ الأجرِ، وتسهيلِ الأمرِ؛ ليذهب زمانُ البلاء سالِماً من شكوى، ثم يستغيث بالله تعالى سائلاً العافيةَ)

فاللهم إنا نسألُك العفوَ والعافيةَ، والمعافاةَ الدائمةَ، في الدينِ والدنيا والآخرةِ.

اللهم أَلْبِسْنِا عَافِيَتَكَ، وجَلِّلْنِا بعَافِيَتَكَ، وحَصِّنِّا بِعَافِيَتِكَ، وأَكْرِمْنِا بِعَافِيَتِكَ، وأَغْنِنِا بِعَافِيَتِكَ، وتَصَدَّقْ عَلَيَّنا بِعَافِيَتِكَ، وهَبْ لِنا عَافِيَتَكَ، وأَفْرِشْنِا عَافِيَتَكَ، وأَصْلِحْ لِنا عَافِيَتَكَ، ولَا تُفَرِّقْ بَيْنِنا وبَيْنَ عَافِيَتِكَ فِي الدُّنْيَا والْآخِرَةِ. اللهم عافنا في أبداننا اللهم عافنا في أسماعنا، اللهم عافنا في أبصارنا، لا إله إلا أنت.

اللهم أعز الإسلام وانصر المسلمين، اللهم اجعل كلمتك هي العليا إلى يوم الدين.

اللهم رد المسلمين إلى دينهم رداً صحيحاً جميلاً يا رب العالمين.

اللهم آمنا في وطننا، وفي خليجنا، واجعله بلداً آمناً مطمئناً سخاءً رخاءً وسائر بلاد المسلمين، اللهم وفق ولاة أمورنا لما تحب وترضى، وفق ملكنا حمد بن عيسى وولي عهده رئيس وزرائه سلمان بن حمد، اللهم أعنهم على أمور دينهم ودنياهم.  وهيئ لهم من أمرهم رشداً، وأصلح بطانتهم ومستشاريهم ووفقهم للعمل الرشيد، والقول السديد، ولما فيه خير البلاد والعباد إنك على كل شيء قدير. اللهم كن لعبادك المستضعفين في كل مكان، اللهم إنا نستودعك أهالي غزّة وفلسطين، فانصرهم واحفظهم بعينك التي لا تنام، واربط على قلوبهم، وأمدهم بجُندك، وأنزل عليهم سكينتك، وسخر لهم الأرض ومن عليها.

اللهم أجبر كسرهم، وفرج كربهم وداوِ جرحاهم، واشف مرضاهم، وتقبّل موتاهم واكتبهم من الشهداء عندك، ياذا الجلال والإكرام.

اللهم أحفظ بيت المقدس والمسجد الأقصى وأهله واجعله شامخاً عزيزاً عامراً بالطاعة والعبادة إلى يوم الدين.

اللهم تولَّ أمرَنا، وارحم ضعفَنا، واجبر كسرَنا، واغفر ذنبَنا، وبلغنا فيمَا يرضيك آمالَنا. اللهم أنزل علينا الرحماتِ، وأفض علينا الخيراتِ، وضاعف لنا الحسناتِ، وارفع لنا الدرجاتِ، وأقل لنا العثراتِ، وامحُ عنا السيئاتِ، برحمتِك يا أرحمَ الراحمينَ.

الْلَّهُمَّ صَلِّ وَسَلَّمَ وَزِدْ وَبَارِكَ عَلَىَ سَيِّدِنَا وَنَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَىَ آَلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِيْنَ.

(سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ)