فضائل الدعاء والعشر الأواخر من رمضان
فضيلة الشيخ عدنان بن عبد الله القطان
19 رمضان 1445هـ – 29 مارس 2024 م
—————————————————————————-
الحمد لله الذي أمر بالدعاء، ووعد عليه الإجابة، وحث على أفعال الخير كلها، وجعل جزاءها القبول والإثابة، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، ولا ند له ولا مضاد، ونشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبده ورسوله، سيد الرسل وخلاصة العباد، صلى الله وسلم عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.
أمّا بعد: فأوصيكم عباد الله ونفسي بتقوى الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)
معاشر المسلمين: عندما تنزل الحاجة بالعبد، فإنه ينزلها بأهلها الذين يقضونها، وحاجات العباد لا تنتهي، يسألون قضاءها المخلوقين؛ فيجابون تارة ويردون أخرى، وقد يعجز من أنزلت به الحاجة عن قضائها، لكن العباد يغفلون عن سؤال من يقضي الحاجات كلها؛ بل لا تقضى حاجة دونه، ولا يعجزه شيء، غني عن العالمين وهم مفتقرون إليه، إليه ترفع الشكوى، وهو منتهى كل نجوى، خزائنه
ملأى، لا تغيضها نفقة، يقول لعباده: (ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ۚ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ) ويقول: (إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) كل الخزائن عنده، والملك بيده: (تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ المُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) (وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ)، يخاطب عباده في حديث قدسي فيقول: (يَا عِبَادِي لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ قَامُوا فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ فَسَأَلُونِي فَأَعْطَيْتُ كُــلَّ إِنْسَانٍ مَسْأَلَتَهُ مَا نَقَصَ ذَلِكَ مِمَّا عِنْدِي إِلَّا كَمَا يَنْقُصُ الْمِخْيَطُ إِذَا أُدْخِلَ الْبَحْرَ) ،وصدق الله العظيم: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الفُقَرَاءُ إِلَى اللهِ وَاللهُ هُوَ الغَنِيُّ الحَمِيدُ) لا تنقص خزائنه من كثرة العطايا، ولا ينفد ما عنده، وهو يعطي العطاء الجزيل: (مَا عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ وَمَا عِنْدَ اللهِ بَاقٍ)، ويقول عليه الصلاة والسلام:(يَدُ اللَّهِ مَلأَى لَا تَغِيضُهَا نَفَقَةٌ سَحَّاءُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ، وَقَالَ أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْفَقَ مُنْذُ خَلَقَ السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ فَإِنَّهُ لَمْ يَغِضْ مَا فِي يَدِهِ)
أيها الإخوة والأخوات في الله: هذا غنى الله، وهذا عطاؤه، وهذه خزائنه، يعطي العطاء الكثير، ويجود في هذا الشهر العظيم، لكن أين السائلون؟ وأين من يحولون حاجاتهم من المخلوقين إلى الخالق؟ أين من طرقوا الأبواب فأوصدت دونهم؟ وأين من سألوا المخلوقين فرُدوا؟ أين هم؟ دونكم يا عباد الله أبواب الخالق مفتوحة، يحب السائلين فلماذا لا تسألون؟ يطلع على عباده في كل ليلة وينادي: مَنْ يَدْعُونِي فَأَسْتَجِيبَ لَهُ؟ مَنْ يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ؟ مَنْ يَسْتَغْفِرُنِي فَأَغْفِرَ لَهُ؟ ونحن يا عباد الله نستقبل في هذه الأيام أفضل الليالي من رمضان، ليالٍ العشر الأخيرة، التي تَعْظُم فيها الهبات، وتنزل الرحمات، وتقال العثرات، وترفع الدرجات، فهل يعقل أن تقضى تلك الليالي في مجالس الجهل واللغو واللهو والزور، وربُ العالمين، يطلع على المصلين في محاريبهم، قانتين خاشعين، مستغفرين سائلين، داعين مخلصين، يُلحُّون في المسألة، ويرددون دعاءَهم: ربنا، ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم، فيقضي حوائجهم.
لانت قلوبهم مع سماع القرآن، واشرأبت نفوسهم إلى لقاء الملك العلام، واغرورقت عيونهم من خشية الرحمن، فهل هؤلاء أقرب إلى رحمة الله تعالى وأجدر بعطاياه، أم قوم قضوا ليلهم فيما حرم الله، وغفلوا عن دعائه وسؤاله؟ كم يخسرون زمن الأرباح! وساء ما عملوا، ما أضعف هممهم، وما أحط نفوسَهم، لا يستطيعون الصبر لياليَ معدودات! أيها الإخوة المؤمنون: هذا زمن الربح، وفي تلك الليالي تقضى الحوائج، فعلِّقوا حوائجكم بالله العظيم، فالدعاء من أجلِّ العبادات وأشرفها، والله لا يخيب من دعاه: (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ)، (ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً إِنَّهُ لا يُحِبُّ المُعْتَدِينَ * وَلا تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفًاً وَطَمَعاً إِنَّ رَحْمَةَ اللهِ قَرِيبٌ مِنَ المُحْسِنِينَ) وآيات الصيام جاء عقبها ذكرُ الدعاء: قال تبارك وتعالى: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ) يقول بعض المفسرين: (وفي هذه الآية إيماءٌ إلى أن الصائم مرجو الإجابة، وإلى أن شهر رمضان مرجوة دعواته، وإلى مشروعية الدعاء عند انتهاء كل يوم من رمضان). والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: (لَيْسَ شَيْءٌ أَكْرَمَ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى مِنْ الدُّعَاءِ) بل إن الله تعالى يغضب إذا لم يُسأل؛ كما قال النبي عليه الصلاة والسلام: (من لم يسأل الله يغضب عليه). ومهما سأل العبد فالله يعطيه أكثر، يقول صلى الله عليه وسلم: (ما مِنْ مُسْلِمٍ يَدْعُو بِدَعْوَةٍ لَيْسَ فِيهَا إِثْمٌ وَلاَ قَطِيعَةُ رَحِمٍ إِلاَّ أَعْطَاهُ اللَّهُ بِهَا إِحْدَى ثَلاَثٍ: إِمَّا أَنْ تُعَجَّلَ لَهُ دَعْوَتُهُ، وَإِمَّا أَنْ يَدَّخِرَهَا لَهُ فِى الآخِرَةِ وَإِمَّا أَنْ يَصْرِفَ عَنْهُ مِنَ السُّوءِ مِثْلَهَا) قَالُوا: إِذاً نُكْثِرُ. قَالَ: (اللَّهُ أَكْثَرُ). (أَيْ أن اللَّه أَكْثَرُ إِجَابَة مِنْ دُعَائِكُمْ)… وإذا دعا العبد ربه استحيا الله منه، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم:(إن ربكم تبارك وتعالى حييٌ كريم؛ يستحي من العَبْد الْمُسلم إِذا دَعَاهُ أَن يرد يَدَيْهِ صفراً لَيْسَ فيهمَا شَيْء) والدعاء عباد الله يرد القضاء كما قال النبي عليه الصلاة والسلام: (لا يرد القضاء إلا الدعاء، ولا يزيد في العمر إلا البر) وفي حديث آخر قال: (الدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل، فعليكم -عباد الله- بالدعاء)
أيها الإخوة والأخوات في الله: هذا بعض ما يقال في الدعاء، ونحن في أيام الدعاء، وإن كان الدعاء في كل وقت؛ لكنه في هذه الأيام العشر الأخيرة من رمضان أشد تأكيداً؛ لشرف الزمان، وكثرة القيام، فاجتهدوا في هذه الأيام الفاضلة؛ فلقد كان نبيكم صلى الله عليه وسلم يشد فيها مئزره، (أي يشمّر للعبادة ويجتهد بالسهر في الليل للذكر والصلاة)، ويُحيي ليله، ويوقظ أهله، كان يقضيها في طاعة الله تعالى؛ إذ فيها ليلة القدر، لو أحيا العبد السنة كلها من أجل إدراكها لما كان ذلك غريباً أو كثيراً؛ لشرفها وفضلها، فكيف لا يُصبِّر العبد نفسه لياليَ معدودة؟ عباد الله: إن أمة الإسلام اليوم في كرب شديد، وضائقة عظيمة، وشدة كبيرة، تمر بأصعب مراحلها وأشق أيامها، تكالبت عليها الأمم، وتداعت عليها الدول، وتآمر عليها الأعداء من كل مكان، أجمعوا كيدهم وأمرهم عليها، إن الكرب في ازدياد، والخطر في اشتعال، والمكر في اجتهاد، وليس لها من دون الله كاشفة، وإن من أمضى الأسلحة، وأقوى أسباب الدفاع، وأحدّ سيوف الفتك هو الدعاء، فليس لنا ملجأ ولا منجا منه إلا إليه، فيجب علينا كثرة الدعاء، واللجوء إلى الله تعالى مع البعد عن موانع الإجابة. ولنعلم أن الله تعالى مع الذين اتقوا والذين هم محسنون، وإذا كان الله معنا فلو اجتمعت أمم الأرض بأمضى أسلحتها، وأحدث آلاتها، فإن النصر حليفنا، والتوفيق نصيبنا، (إِن يَنصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ ۖ وَإِن يَخْذُلْكُمْ فَمَن ذَا الَّذِي يَنصُرُكُم مِّن بَعْدِهِ ۗ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ)
إن أمتنا اليوم يا عباد الله بحاجة شديدة إلى الدعاء، خاصة لأولئك المستضعفين المظلومين في مشارق الأرض ومغاربها الذين تسلط عليهم الأعداء والطغاة والمجرمون والجبابرة والمستكبرون، فساموهم سوء العذاب والنكال، وقتلوا رجالهم وشبابهم وأطفالهم ونساءهم، وارتكبوا بحق المدنيين أعظم الجرائم، فأبادوا عائلات بأكملها، وجوعوا وروعوا وحاصروا الباقين، ولم يقتصر إجرامهم على البشر فحسب، بل طالت يدُ الجرائم المساجدَ، ودورَ العبادة، والمنشآت الاقتصادية المدنية والتعليمية، والمستشفيات، وغيرها وصدق الله في أولئك البغاة (لَا يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلًّا وَلَا ذِمَّةً، وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُعْتَدُونَ) ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
فالله الله أن تلحوا بالدعاء لإخوانكم وتتحروا أوقات الإجابة بالدعاء لهم بالنصر والثبات والتمكين، لعل الله أن يعذرنا على تقصيرنا، وهذا أقل ما نقدمه لإخواننا المظلومين أن نواسيهم بأموالنا ودعائنا، والله غالب على أمره، ولكن أكثر الناس لا يعلمون. فاحرصوا رحمكم الله على الدعاء في هذه الليالي المباركة، لأنفسكم وأولادكم وأزواجكم ووالديكم وإخوانكم ووطنكم وولاة أموركم وللمسلمين المظلومين في كل مكان، أحرصوا على اغتنام هذه العشر، بالطاعة والعبادة والأعمال الصالحة، وأروا الله تعالى من أنفسكم خيراً، فلربما جاهد العبدُ نفسه في هذه الأيام القلائل، فقبل الله تعالى منه، وكتب له سعادة لا يشقى بعدها أبداً، وهي تمرُّ على المجتهدين واللاهين سواءً بسواء، لكن أعمالهم تختلف، كما أن المدون في صحائفهم يختلف، فلا يغرنكم الشيطان فتضيع هذه الأيام كما ضاعت مثيلاتها من قبل.
اللهم إنا نسألك أن تتقبل منا ما عملناه في هذا الشهر الفضيل من كل فعل جليل، وأن تحسن عاقبتنا في الأمور كلها، وأن تجيرنا من خزي الدنيا وعذاب الآخرة، وأن تكفر عنا السيئات وتجزل لنا الحسنات، وتجعل حظنا فيه موفوراً وسعينا مشكوراً وأن تجعلنا من الموفقين الذين فرغوا أوقاتهم لعبادتك وطاعتك وهيأت لهم لذيذ المناجاة بصالح الدعوات وخالص الركعات والسجدات برحمتك يا أرحم الراحمين
نفعني الله وإياكم بالقرآن العظيم، وبهدي سيد المرسلين، أقول ما تسمعون واستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب وخطيئة فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية
الحمد لله رب العالمين، أمر بالدعاء ووعد المؤمنين بالإجابة، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، ونشهد أن نبينا محمداً عبده ورسوله، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد فيا أيها المسلمون والمسلمات: الدعاء دليل إيمان العبد وقوة يقينه بالله تبارك وتعالى ودليل على مدى استشعاره لقول ربه، (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ، إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ) ولقول نبيه صلى الله عليه وسلم:(إِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلْ اللَّهَ، وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ) وان الدعاء عباد الله كغيره من العبادات، له آداب وشروط وموانع تمنع من حصول أثره، وهنا نذكر بعض الآداب المتعلقة بالدعاء، ونسأل الله تعالى التوفيق والسداد والقبول: أولاً: ليعلم المسلم والمسلمة أن الدعاء شرعه الله تعالى ليعلم عباده أنهم مفتقرون إليه ، محتاجون إلى رحمته وفضله ومنته سبحانه، فإذا صادف الدعاء خشوعاً في القلب، وانكساراً بين يدي الرب، وافتقاراً إليه وتضرعاً ورقة ، كان له عظيم الأثر والنفع… ثانياً: من آداب الدعاء، التماس سنة النبي صلى الله عليه وسلم في الدعاء، فلقد كان عليه الصلاة والسلام، يثني على ربه في الدعاء، وقال لرجل يَدْعُو في صَلاَتِهِ ولَمْ يُمَجِّدِ الله تَعَالَى، وَلَمْ يُصَلِّ عَلَى النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قال له: (إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ فَلْيَبْدَأْ بِتَحْمِيدِ رَبِّهِ سُبْحَانَهُ، وَالثَّنَاءِ عَلَيْهِ، ثُمَّ يُصَلِّي عَلَى النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ يَدْعُو بَعْدُ بِمَا شَاءَ) وقد غفل عن هذا الأمر كثير من المسلمين اليوم. ولقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يأتي في دعائه بجوامع الأدعية التي تجمع بين خيري الدنيا والآخرة فكان يقول: (اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي وارْحَمْنِي وأهدني وعَافِنِي وارْزُقْنِي وسَدِّدْنِي) وسمعه الصحابة مرة يدعو بدعاء كثير ولم يحفظوه فقالوا يا رَسُولَ اللَّهِ دعوت بِدُعاءٍ كَثِيرٍ لم نَحْفَظ منْهُ شَيْئاً، فقَالَ: (أَلا أَدُلُّكُم على ما يَجْمَعُ ذَلكَ كُلَّهُ؟ تَقُولُوا (اللَّهُمَّ إِنِّا نسْأَلُك مِن خَيرِ ما سأَلَكَ مِنْهُ نبيُّكَ مُحَمَّدٌ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم، ونعُوذُ بِكَ من شَرِّ ما اسْتَعاذَك مِنْهُ نَبيُّكَ مُحمَّدٌ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم، وَأَنْتَ المُسْتَعَانُ، وعليْكَ البلاغُ، ولا حَوْلَ ولا قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ). ثالثاً: من الأمور المؤثرة في الدعاء، طيب المطعم! نعم طيب المطعم. فقد روي أن الصحابي سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه: جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله أدع لي أن تجاب دعوتي، فقال صلى الله عليه وسلم: يا سعد أطب مطعمك تجب دعوتك، أطب مطعمك تجب دعوتك. فاحذروا الحرام عباد الله، وطيّبوا مكاسبكم، تستجب دعواتكم. رابعاً: ومن الآداب، الإلحاح في الدعاء وعدم استعجال الإجابة، وليعلم المسلم أنه رابح في جميع الحالات، فإما إجابة الدعاء، أو دفع السوء والبلاء، أو ادخارها عند الرب الكريم الواسع العطاء.. يقول عليه الصلاة والسلام: (لا يَزالُ يُسْتَجَابُ لِلعَبْدِ مَا لَمْ يَدْعُ بإثْمٍ، أَوْ قَطيعَةِ رحِمٍ، مَا لَمْ يَسْتَعْجِلْ، قيل: يَا رسولَ اللهِ مَا الاستعجال؟ قَالَ:( يقول: قَدْ دَعوْتُ، وَقَدْ دَعَوْتُ، فَلَمْ أرَ يسْتَجِب لي، فَيَسْتحْسِرُ عِنْدَ ذَلِكَ وَيَدَعُ الدُّعَاءَ) يستحسر: أي ينقطع عن الدعاء… خامساً: اغتنم أيها المسلم، أوقات إجابة الدعاء، في الثلث الأخير من الليل، وعند الأذان، وبين الأذان والإقامة، وأدبار الصلوات المكتوبة، وآخر ساعة بعد العصر يوم الجمعة وفي شهر رمضان وفي الأوتار من لياليه وفي ليلة القدر خاصة وغيرها من الأوقات الفاضلة.
أَلا فاتقوا الله عباد الله وادعُوا اللهَ مُوقِنِينَ، والجئوا إِلى الرَّحِيمِ مُستَسلِمِينَ، وَارغَبُوا إِلى الكَرِيمِ مُخلِصِينَ، اُدعُوا دُعَاءَ المُضطَّرِّينَ، وَأَلِحُّوا إِلحَاحَ المُحتَاجِينَ، فَوَاللهِ لا غِنى لَكُم عَن رَبِّكُم طَرفَةَ عَينٍ! (أَمَّن يُجِيبُ المُضطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكشِفُ السُّوءَ وَيَجعَلُكُم خُلَفَاءَ الأَرضِ، أَإِلَهٌ مَعَ اللهِ، قَلِيلاً مَا تَذَكَّرُونَ)
اللهم إنا نسألك في هذا اليوم المبارك ألا تدع لنا ذنباً إلا غفرته، ولا هماً إلا فرجته، ولا ديناً إلا قضيته، ولا مريضاً إلا شفيته، ولا ضالاً إلا هديته، ولا ميتاً إلا رحمته، وَلاَ غَائِباً إِلاَّ حَفِظْتَهُ وَرَدَدْتَّهُ، وَلاَ عَدُوّاً إِلاَّ أَهْلَكْتَهُ، ولا مجاهداً في سبيلك إلا نصرته، وَلاَ طَاغِيَةً إِلاَّ قَصَمْتَهُ، وَلاَ مَظْلُوماً إِلاَّ أَيَّدْتَهُ، وَلاَ ظَالِماً إِلاَّ خَذَلْتَهُ، وَلاَ عَسِيراً إِلاَّ يَسَّرْتَهُ، وَلاَ وَلَداً إِلاَّ أَصْلَحْتَهُ، ولا والداً إلا رحمته، وَلاَ عَيْباً إِلاَّ سَتَرْتَهُ، ولا أيماً إلا زوجته، ولا عقيماً إلا وذرية صالحة وهبته، وَلاَ حَاجَةً مِنْ حَوَائِجِ الدُّنْيا وَالآخِرَةِ هِيَ لَكَ رِضاً وَلَنا فِيها صَلاَحٌ إِلاَّ أَعَنْتَنا عَلَى قَضَائِهَا وَيَسَّرْتَهَا لَنا، بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.
اللهم أطفأ نار الفتن والمصائب والخلافات والمنازعات بين المسلمين وأخرجهم من هذه المحن والنكبات، وألف بين قلوبهم وأصلح ذات بينهم، وردنا وإياهم إليك رداً صحيحاً جميلاً يا ذا الجلال والإكرام.
اللهم أعز الإسلام وانصر المسلمين، اللهم اجعل كلمتك هي العليا إلى يوم الدين.
اللهم آمنا في وطننا وفي خليجنا واجعل هذا البلد آمناً مطمئناً سخاءً رخاءً وسائر بلاد المسلمين.. اللهم وفق ولاة أمورنا وفق ملكنا حمد بن عيسى وولي عهده رئيس وزرائه سلمان بن حمد اللهم وفقهم لما تحب وترضى، وخذ بنواصيهم للبر والتقوى وهيئ لهم البطانة الصالحة الناصحة يا رب العالمين…اللهم أصلح أحوال المسلمين في كل مكان، اللهم احفظ أهلنا في فلسطين والأقصى وغزة، وكن لهم ناصراً ومؤيداً ومعيناً، اللهم ارحم ضعفهم، وارفع البلاء عنهم، واخذل عدوهم ومن بغى عليهم، اللهم اجبر كسرهم، وأطعم جائعهم، واسقي ظمئهم، واحمل حافيهم، وأكس عاريهم، وداو جرحاهم، وارحم موتاهم، واكتبهم عندك من الشهداء الأبرار، اللهم لا تسلط عليهم من لا يخافك ولا يرحمهم اللهم أحفظ المسجد الأقصى والمرابطين فيه، مسرى نبيك وحصنه بتحصينك وأكلاه برعايتك وعنايتك واجعله في حرزك وأمانك وضمانك يا ذا الجلال والإكرام.
اللهم اغفر ذنوبنا واستر عيوبنا، ونفس كروبنا وعاف مبتلانا واشف مرضانا، واشف مرضانا وارحم والدينا، وارحم موتانا وارحم موتانا وشهدائنا برحمتك يا أرحم الراحمين.
الْلَّهُمَّ صَلِّ وَسَلَّمَ وَزِدْ وَبَارِكَ عَلَىَ سَيِّدِنَا وَنَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَىَ آَلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِيْنَ.
(سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ)