خطبة الجمعة.. من علامات الساعة الصغرى والكبرى

من علامات الساعة الصغرى والكبرى

فضيلة الشيخ عدنان بن عبد الله القطان

5 جمادى الآخرة 1446 هـ – 6 ديسمبر 2024 م

 

 

الحمد لله الواحد القهار، الملك العزيز الجبار، الذي قضى بزوال هذه الدار، وهدم بالموت مشيد الأعمار، وجعل في تعاقب الليل والنهار عبرة لأولي الأبصار، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، ونشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبده ورسوله المصطفى المختار، القدوة المثلى في العمل لليوم الآخر وعدم الركون لهذه الدار، صلى الله وسلم وبارك عليه، وعلى آله الأطهار، وصحبه الأبرار، وتابعيه الأخيار، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم البعث لدار القرار.

أمّا بعد: فيا عباد الله أوصيكم ونفسي بتقوى الله تعالى: (وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ۖ ثُمَّ تُوَفَّىٰ كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ)

معاشر المسلمين: إن الله سبحانه وتعالى جعل لانتهاء هذه الدنيا وزوالها وقتاً محدداً وأجلاً مقدراً، لا تتقدم عنه ولا تتأخر.

هذا وإنَّ ما بقي من الدنيا بالنسبة لما مضى منها قليل، وقد ضرب النبي صلى الله عليه وسلم لنا المثل لذلك فقال: (إنَّما بَقاؤُكُمْ فِيما سَلَفَ قَبْلَكُمْ مِنَ الأُمَمِ كما بيْنَ صَلاةِ العَصْرِ إلى غُرُوبِ الشَّمْسِ). ففي هذا الحديث مثَّل النبي صلى الله عليه وسلم الدنيا بيوم من أيامها، فيكون ما مضى من عمر الدنيا بالنسبة لذلك اليوم كما بين الفجر إلى العصر، ويكون الباقي من عمرها كما بين العصر والمغرب، وهذا في زمنه صلى الله عليه وآله وسلم فكيف بزمننا هذا؟!

فإذا جاء الوعد الحق أذن الله سبحانه بانصرام هذه الدنيا وانتهاء وقتها، وحينئذٍ تقوم الساعة لردِّ الناس إلى مولاهم الحق فينبئهم بما كانوا يعملون.

وقد اختص الله سبحانه وتعالى بعِلْم الساعة، فلا يعلم وقتها أحدٌ لا مَلَك مقرب ولا نبيٌّ مرسل؛ قال تعالى: (يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا * فِيمَ أَنتَ مِن ذِكْرَاهَا)

وقال تعالى: (إِنَّ اللَّهَ عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ ۖ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَدًا ۖ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) 

فعلم الساعة من الغيب الذي استأثر الله تعالى بعلمه، لا كما يدعيه بعض السذج من أنهم تمكنوا بحسابات معينة من معرفة موعد يوم القيامة، وهذا دجل ومحض افتراء ومنازعة لله تعالى في علمه الذي لا يطلع عليه أحد سواه: قال تعالى (يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا ۖ قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِندَ رَبِّي ۖ لَا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلَّا هُوَ ۚ ثَقُلَتْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ لَا تَأْتِيكُمْ إِلَّا بَغْتَةً ۗ يَسْأَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا ۖ قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِندَ اللَّهِ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ)

ولحكمته تعالى البالغة فقد جعل سبحانه لاقتراب يوم القيامة أموراً تتقدمه، وعلامات تدل عليه؛ قال تعالى: (فَهَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَن تَأْتِيَهُم بَغْتَةً ۖ فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا) وهذه الأشراط هي العلامات الدالة على قرب قيام الساعة..

والإيمان بعلامات الساعة من الإيمان بالغيب الذي امتدح الله سبحانه من اتَّصف به؛ فقال عز وجل: (الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ * وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ * أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) هذا وإنَّ من أعظم الحِكَم في تقدُّم هذه العلامات والأشراط ودلالة الناس عليها، تنبيه الناس من رقدتهم وحثّهم على الاحتياط لأنفسهم بالتوبة والإنابة، كي لا يُباغتوا بالحول بينهم وبين تدارك العوارض منهم، فينبغي للناس أن يكونوا بعد ظهور أشراط الساعة قد نظروا لأنفسهم، وانقطعوا عن الدنيا، واستعدوا للساعة الموعود بها.

عباد الله: ووقوع علامات الساعة وما فيها من الأمور الغيبية دليلٌ على صدْق النبي صلى الله عليه وسلم وعَلَمٌ على نبوَّته؛ حيث أخبر عن أمور غيبية لا تُدْرَك بالظن والخرص، وقد حصلت على وَفق ما أخبر به صلى الله عليه وسلم.. كما أن معرفة علامات الساعة والإيمان بها ومشاهدة ما نطق به النصُّ منها، مما يُثَبِّت قلوب المؤمنين، ويزيدهم إيماناً وتصديقاً، ويعينهم على الصبر على الطاعة وملازمة العمل الصالح، لمعرفتهم بقرب أفول شمس هذه الدنيا، فلا يستطيلون بلاءً ولا يغترُّون بنعيم، قال الله عز وجل: (وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ وَجَاءَكَ فِي هَذِهِ الْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ)

أيها الأخوة والأخوات في الله: ومما لا بد من معرفته أن للساعة علامات وأشراط جعلها الله مقدمة ومؤذنة بقرب القيامة، وهي علامات صغرى وعلامات كبرى، أما الصغرى فقد بدأت منذ بعثة النبي صلى الله عليه وسلم ولا زالت تتتابع وربما ظهر بعضها مع الأشراط الكبرى، ومنها علامات وقعت وانتهت كبعثة النبي صلى الله عليه وسلم وفتح بيت المقدس، وهناك علامات وقعت ولا زالت مستمرة كتقارب الزمان وكثرة الأسواق وتشبه النساء بالرجال والرجال بالنساء وظهور الكاسيات العاريات، وانتشار الزنا والربا وشرب الخمور، وفشو التجارة وتضييع الأمانة، وانتشار الكذب والخيانة وتصدر الرويبضة، وظهور الجهل، وكثرة الزلازل والفتن والحروب والقتل، وغيرها.

وإن مما ينبغي أن يُعلم أنه ليست كُلُ أشراط الساعة مذمومةً، فهناك علامات مباحة لا شيء فيها كالتطاول في البنيان، بل قد يكون منها ما هو مأمور به كتعلم القرآن وكثرة القرّاء، وفشوّ العلم والقلم، فليس ذكر هذه العلامات وغيرها في أشراط الساعة ذم لها إنما المقصود أنها علامات على دنو يوم القيامة وقربها.

كما أنه لا يشترط أن تشمل العلامات كلها الأرضَ كلها، بل قد تظهر علامة أو علامات في مكان ما دون مكان، خلا العلامات الكبرى التي تعم الأرض جميعاً.

أيها المؤمنون: وأما العلامات الكبرى، وهي أمور عظام غير معتادة الوقوع، والتي يؤذن ظهورها بانقضاء الدنيا وزوالها، وتقع متتابعة ويعقبها قيام الساعة، فإذا وقعت الأولى تلتها الثانية بأسرع وقت، كما قال صلى الله عليه وسلم: (الآيات خَرَزاتٌ منظوماتٌ في سلك، فإن يقطع السلكُ يتبع بعضُها بعضاً) وهذه العلامات الكبرى هي التي صحت بها الأحاديث وهي قليلة، منها: ظهور المهدي المنتظر الذي يخرج آخر الزمان قبل قيام الساعة بقليل، قال ﷺ: (لا تقومُ الساعةُ حتى يملِكَ الناسَ رجلٌ من أهلِ بَيْتي، يُواطِئُ اسمُه اسمي، واسمُ أبيه اسمَ أبي فيملأُها قِسطاً وعَدلاً كما ملئت ظُلماً وجَوراً) وقال ﷺ: (المهديُّ من عِتْرَتِي من ولَدِ فاطمةَ)  ومنها ظهور (الدُّخانَ) وهو الَّذي ذُكِر في قولِ اللهِ تَعالَى: (فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ) وظهور الدجَّالَ الذي يفتن الناس، وظهور (الدابَّةَ) وهي المذكورةُ في قولِ اللهِ تَعالَى: (وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِّنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآيَاتِنَا لَا يُوقِنُونَ) ومنها طُلوعَ الشمسِ من مَغرِبِها، ونُزولَ عيسى ابنِ مريمَ عليه السلام، وظهور يَأجوجَ ومَأجوجَ، وثلاثَة خُسوفٍ خَسفٌ بالمَشرِقِ، وخَسفٌ بالمَغرِبِ وخَسفٌ بجزيرةِ العربِ، وآخِرُ ذلك نارٌ تَخرُجُ من اليمَنِ تَطرُدُ الناسَ إلى مَحشَرِهم)

عباد الله: والعلامات الكبرى لم يقع منها شيءٌ بعد، أما الصغرى فمنها ما وقع وانقضى، كانشقاق القمر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومنها ما لم يقع إلى الآن كانحسار الفرات عن جبل من ذهب، ومنها ما وقع ولا يزال مستمرًّاً في الوقوع كتطاول الحفاة العراة العالة رعاء الشاء في البنيان. ولا يعني كون الشيء من علامات الساعة أنه شرٌّ، فعلامات الساعة منها ما هو خيرٌ، ومنها ما هو شرٌّ، فبعثة النبي صلى الله عليه وسلم علامة من علامات الساعة، وهي أعظم الخير على الإطلاق، ودليلٌ على رحمة الله عز وجل للخليقة، وكثرة الزنا من علامات الساعة وهو شرٌّ. هذا وإنه لا يجوز أن تُفَسَّر حادثة على أنها من علامات الساعة حتى يدل الدليل على ذلك، وأن يتضح ذلك وضوحاً جليًّاً لا لَبْس فيه، فإنَّ الخطأ عند بعض الناس أنه إذا وقعت واقعة أو حدث حادث ما، ولا يزال الأمر في أوله، قال: هذه هي العلامة الفلانية التي أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنها من علامات الساعة، ثمَّ إذا اتضح الأمرُ بعد ذلك فإذا هو ليس كما ظنَّ وخمَّن. مثال ذلك: خروج بعض الناس بين الفينة والأخرى يدَّعون خروج المهدي آخر الزمان ويُلحِقون أوصافه بشخصٍ معيَّن ثمَّ لك أن تتخيل ما يحدث بسبب ذلك من الفتن، وفي نهاية المطاف يتبيَّن له ظنُّه الخاطئ، الذي قاده إليه جهلُه بالنصوص الشرعية.فالحادثة لا تفسَّر على أنها من علامات الساعة حتى تقع وتستقر، وأمَّا ادعاء أنَّ هذه الواقعة من علامات الساعة دون بينة، فهذا من القول على الله بغير علم، فالواجب الحذر من ذلك، قال تعالى: (قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ).

أيها المؤمنون: ونحن حين نتعرض لذكر علامات الساعة، ذلك لما فيها من تثبيت القلوب وتقوية اليقين، وشحذ الهمم للزوم الاستقامة في وقت تسارعت أيامه ولياليه، وقربت نهايته، ولذا فإنَّ معرفة ذلك مما يدفع بالمرء للصبر على الطاعات، واحتساب ما يحيق به من الابتلاءات، لعلمه أنَّ ما بقي من هذه الدنيا أقلُّ بكثير مما ذهب منها، فيستمسك بالإسلام وسنة النبي وهديه، حتى يأتيه الأجل وهو على ذلك، فإنَّ سرعة الأيام دليلُ الفرجِ وتخفيفِ البلاء على المؤمن، والسعيد مَن ثبَّت الله قلبه حتى يلاقي ربَّه، فهذا أعظم الامتنان وأتمُّ النعمة، قال الله عز وجل: (وَإِن كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ وَإِذًا لَّاتَّخَذُوكَ خَلِيلاً * وَلَوْلَا أَن ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدتَّ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلاً)

اللَّهمَّ إنِّا نسألُك إيمانًا لا يرتَدُّ، ونعيمًا لا   ينفد، ومرافقةَ نبيك محمَّدٍ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في أعلى جنَّةِ الخُلدِ يا سميع الدعاء.

نفعني الله وإيّاكم بالقرآن العظيم، وبهديِ سيد المرسلين، أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيمَ لي ولكم ولسائرِ المسلمين من كلّ ذنبٍ فاستغفروه، إنّه هو الغفور الرحيم.

 

 

 

الخطبة الثانية

الحمد لله الذي خلق كل شيء فقدره تقديراً، ودبر عباده على ما تقتضيه حكمته وكان لطيفاً خبيراً، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، ونشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بين يدي الساعة وبشيراً ونذيراً، وداعياً إلى الله بإذنه وسراجا منيراً صلى الله وسلم عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

أما بعد فيا أيها المسلمون: العالم اليوم يشهد تغيرات كثيرة، ولو نظرنا اليوم إلى ما حولنا فسنرى بعض الأمور التي نستنكرها، والتي لم نكن نراها من قبل، بل القارئ منا والمتصفح لأحاديث النبي صلى الله عليه وسلم الصحيحة يعلم أن الناس اليوم يرتقبون نهاية التاريخ وتوقف الزمان، ونهاية هذا العالم، بل لم يجتمع المسلمون والنصارى واليهود على شيءٍ مثلما اجتمعوا اليوم على أن الساعة قد اقتربت، وأن العالم سينتهي، وأن التاريخ يوشك على أن يتوقف، والله تعالى قد أخبرنا بذلك في كتابه العزيز فقال: (اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُون)

عباد الله: لقد اقتربت الساعة منذ أن بعث النبي صلى الله عليه وسلم، واقتربت الدنيا من نهايتها. وقد بعث الله عز وجل إلى هذه الأرض أنبياء ومرسلين، من آدم عليه السلام أول نبي، ونوح عليه السلام أول رسول وجعل آخر الأنبياء والمرسلين الذي تختم به الأمم نبينا محمد عليه الصلاة والسلام. يقول صلى الله عليه وسلم: (بعثت أنا والساعة كهاتين) وفرّق بين أصبعيه السبابة والوسطى… وقد جعل الله تعالى علامات الساعة الصغرى تحذيراً وإنذاراً لنا لنعلم قرب قيام القيامة فنستعد لها.

فمن هذه العلامات التي أخبر عنها النبي صلى الله عليه وسلم في أحاديث صحيحة وقد قع أكثرها: منها موته عليه الصلاة والسلام، كما أخبر بذلك أصحابه رضي الله عنهم.. ومنها انشقاق القمر، وقد اتفق العلماء على أن القمر قد انشق في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأن انشقاقه إحدى المعجزات الباهرة، وقد صرح القرآن بهذا في قوله تعالى: (اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانشَقَّ الْقَمَرُ وَإِن يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُّسْتَمِرٌّ) وعن أنس بن مالك رضي الله عنه أن أهل مكة سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يريهم آية فأراهم انشقاق القمر مرتين.  ومنها فتح بيت المقدس الذي حدث في عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه.

ومنها ظهور مدَّعُو النبوة الدجالين الكذابين، فقد ظهر جمعٌ من هؤلاء في العصر الأول منهم؛ مسيلمةُ الكذاب في زمن النبي صلى الله عليه وسلم، ومات على كفره، وسجاحُ وهي امرأة من بني تميم ادعت النبوة ثم تابت وأسلمت، وطليحةُ بنُ خويلد الأسدي وقد أسلم أيضاً، والأسود العنسي ظهر بصنعاء وقتله فيروز أبن الديلمي رضي الله عنه فمات على الكفر. ولا يزال يظهر هؤلاء الكذابون حتى يظهر آخرهم الأعور الدجال، كما قال صلى الله عليه وسلم: (لاَ تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَخْرُجَ ثَلاَثُونَ كَذَّاباً دَجَّالاً؛ كُلُّهُمْ يَكْذِبُ عَلَى اللَّهِ وَعَلَى رَسُولِهِ) (وَأنا خَاتَمُ النَّبِيِّينَ لاَ نَبِيَّ بَعْدِي) ومنها كثرة الفتن، يقول صلى الله عليه وسلم: (بَيْنَ يدَيِ السَّاعةِ فِتَنٌ كقِطَعِ اللَّيلِ المُظلِمِ يُصبِحُ المرء مُؤمِناً ويُمسي كافرًا يبيعُ فيها أقوامٌ خَلاقَهم بعَرَضٍ مِن الدُّنيا قليلٍ) ومن علامات الساعة ضياع الأمانة: يقول صلى الله عليه وسلم: (إذا ضُيعت الأمانة فانتظر الساعة، قيل: كيف إضاعتها يا رسول الله؟! قال: (إذا أسند الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة)

ومنها كثرة القتل وانتشاره، قال صلى الله عليه وسلم: (لا تَقُومُ السَّاعَةُ حتَّى يَكْثُرَ الهَرْجُ قالوا: وما الهَرْجُ يا رَسولَ اللهِ؟ قالَ: القَتْلُ القَتْلُ) وغيرها من العلامات الكثيرة التي ثبت صدقها وصحتها على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم.

نسأل الله تعالى أن يثبت قلوبنا، ويميتنا على الايمان والطاعة، وأن يحمينا من الفتن والمحن ما ظهر منها وما بطن..

(رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ)

اللهُمَّ إِنِّا أنسْأَلُكَ إِيمَانًا لَا يَرْتَدُّ، وَنَعِيمًا لَا يَنْفَدُ، وَمُرَافَقَةَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِي أَعْلَى غُرَفِ الْجَنَّةِ، جَنَّةِ الْخُلْدِ.

اللَّهُمَّ إِنِّا نسْأَلُكَ مِنْ خَيْرِ مَا سَأَلَكَ منه عَبْدُكَ وَنَبِيُّكَ محمد وعبادك الصالحون، وَنعوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا استعَاذَك منه عَبْدُكَ وَنَبِيُّكَ محمد وعبادك الصالحون، اللَّهُمَّ إِنِّا نسْأَلُكَ الْجَنَّةَ وَمَا قَرَّبَ إِلَيْهَا مِنْ قَوْلٍ أَوْ عَمَلٍ وَنعُوذُ بِكَ مِنَ النَّارِ وَمَا قَرَّبَ إِلَيْهَا مِنْ قَوْلٍ أَوْ عَمَلٍ، وَنسْأَلُكَ أَنْ تَجْعَلَ كُلَّ قَضَاءٍ قَضَيْتَهُ لِنا خَيْراً.

اللهم أعز الإسلام وانصر المسلمين، اللهم اجعل كلمتك هي العليا إلى يوم الدين.

اللهم رد المسلمين إلى دينهم رداً صحيحاً جميلاً يا رب العالمين… اللهم آمنا في وطننا وفي خليجنا، واجعله بلداً آمناً مطمئناً سخاءً رخاءً وسائر بلاد المسلمين، اللهم وفق ولاة أمورنا لما تحب وترضى، وفق ملكنا حمد بن عيسى وولي عهده رئيس وزرائه سلمان بن حمد، اللهم أعنهم على أمور دينهم ودنياهم.  وهيئ لهم من أمرهم رشداً وأصلح بطانتهم ومستشاريهم ووفقهم للعمل الرشيد، والقول السديد، ولما فيه خير البلاد والعباد إنك على كل شيء قدير.

اللهم إنا نستودعك أهالي فلسطين وغزّة والمظلومين في كل مكان، كن لهم عوناً ونصيراً وظهيراً، اللهم انصرهم على من بغى عليهم، واحفظهم بعينك التي لا تنام، واربط على قلوبهم وأمدهم بجُندك وأنزل عليهم سكينتك وسخر لهم الأرض ومن عليها يا رب العالمين.

اللهم أحفظ بيت المقدس والمسجد الأقصى وأهله واجعله شامخاً عزيزاً عامراً بالطاعة والعبادة إلى يوم الدين.

اللهم تولَّ أمرَنا، وارحم ضعفَنا، واجبر كسرَنا، واغفر ذنبَنا، وبلغنا فيمَا يرضيك آمالَنا. اللهم أنزل علينا الرحماتِ، وأفض علينا الخيراتِ، وضاعف لنا الحسناتِ، وارفع لنا الدرجاتِ، وأقل لنا العثراتِ، وامحُ عنا السيئاتِ، برحمتِك يا أرحمَ الراحمينَ.

الْلَّهُمَّ صَلِّ وَسَلَّمَ وَزِدْ وَبَارِكَ عَلَىَ سَيِّدِنَا وَنَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَىَ آَلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِيْنَ.

(سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ)