أكد رئيس صندوق الزكاة والصدقات بوزارة العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف الشيخ صلاح حيدر حسين أن هناك دفعات جديدة ستسفيد من مشروع «سهم الغارمين»، مشيرًا إلى أنه تم إنفاق حوالي 35 ألف دينار، استنادًا إلى معايير محددة، إذ تم اختيار الحالات التي تجاوزت أعمارها 60 سنة، ومن لم تتجاوز المبالغ المستحقة عليها 1000 دينار، ومن صدرت بحقها أوامر بالقبض أو منع السفر أو الحبس بسبب مديونيات مالية مدنية، ولا يشمل ذلك القضايا الجنائية، وبلغ عددهم 69 مستفيدًا ومستفيدة.
وأوضح في حوار له مع «الأيام» أن هناك حوالي 1600 أسرة مستفيدة من صندوق الزكاة سنويًا، إضافة إلى مجموعة من الأسر المتعففة، لافتًا إلى أن الصندوق يعمل حاليًّا على تطبيق مشروع يتمثل في الارتقاء بالأسر من حالة العوز للاكتفاء، وذلك من خلال تطوير إمكانياتهم ودعم المشاريع الصغيرة.
وأشار إلى أنه تم تقديم مقترح بتخصيص أوقاف لصندوق الزكاة؛ لضمان الاستمرارية في الإيرادات واستمرارية المشاريع الخيرية، وفيما يلي نص الحوار كاملاً:
بداية، هل يمكن التعريف بصندوق الزكاة والصدقات وأهدافه؟
أنشئ صندوق الزكاة والصدقات بالمرسوم الأميري بقانون رقم (8) لعام 1979 وتبعه مرسوم بقانون رقم (12) لسنة 1993، الصادر عن أمير البلاد المغفور له بإذن الله تعالى صاحب السمو الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة، وهو الجهة المعتمدة في مملكة البحرين التي تختص بإدارة أموال الزكاة والصدقات وتوجيهها إلى المصارف الشرعية، بشكل يتناسب مع أساليب الإدارة الحديثة والحياة المعاصرة.
كما تتمثل رؤية الصندوق في الإسهام الفعال في تعزيز تكافل المجتمع. وأما رسالة الصندوق فتتمثل في التوعية بأهمية الزكاة بوصفها فريضة شرعية، وتنمية مصادرها، وتطوير آليات جمع وصرف الزكاة والصدقات للمستحقين.
وأما الأهداف الرئيسة للصندوق فتتضمن زيادة درجة الوعي بفريضة الزكاة، وبيان وجوب إخراجها، وتنمية مصادر الزكاة والصدقات، وتطوير آليات جمع وصرف الزكاة والصدقات، وسد حاجة الفقراء والمعوزين من الأسر المستحقة للزكاة.
هل لك أن تعطينا لمحة عن «سهم الغارمين» من الناحية الشرعية؟
يعد سهم الغارمين أحد مصارف الزكاة التي شرعها الله تعالى في كتابه، وعلى لسان رسوله (صلى الله عليه وآله وسلم)، والمحددة في ثمانية أسهم، وهي الفقراء، والمساكين، والعاملين عليها، والمؤلفة قلوبهم، وفي الرقاب، والغارمين، وفي سبيل الله، وابن السبيل، ولا بد من التأكيد في هذا السياق أنه لا يجوز تجاوز تلك الأوجه أو صرف الزكاة لغير هؤلاء الثمانية.
وبخصوص سهم الغارمين فهناك غارم لحظ نفسه، وغارم لحظ غيره وهو الذي تحمل الدين لأجل إصلاح ذات البين، والفئة الأولى من الغارمين هي الفئة المستهدفة في المبادرة التي قام بتنفيذها الصندوق، فالغارم لحظ نفسه هو الذي أخذ أموالا لحاجة نفسه أو أهله ثم تعسر عليه السداد، وبالتالي فليس كل مديون مستحقًا لهذا السهم من الزكاة، بل لا بد أن يكون الغارم غير قادر على سداد دينه.
والأموال التي بذلها الناس لصندوق الزكاة والصدقات أمانة في أعناقنا مما يستوجب علينا أن نختار المصرف الأمثل لها، ونحن كوننا جهة مخولة بذلك نبحث عن المستحقين لمصارف الزكاة، وقد قررنا صرف سهم الغارمين كونهم يمثلون أحد المصارف الثمانية التي نص عليها القرآن، فإن الدَّين يُعد كربة من كرب الدنيا، والإسلام دعا لتفريج الكربات، كما أن في ذلك إظهار وإبراز للتكافل الاجتماعي وهو ما يهدف صندوق الزكاة والصدقات إلى تحقيقه.
كم بلغ عدد المستفيدين من هذا المشروع «سهم الغارمين»؟ وهل هناك دفعات أخرى؟
بلغ عدد المستفيدين من المشروع 69 امرأة ورجلا، فيما بلغ إجمالي ما تم إنفاقه حوالي 35 ألف دينار، وهناك دفعات أخرى حسب ما يقرره صندوق الزكاة والصدقات.
ما المعايير التي استندتم إليها لتحديد المستفيدين؟
هناك العديد من المعايير التي أخذناها بعين الاعتبار، منها العمر، والمبلغ وإمكانية تسديده أو عدمه، إذ تم التواصل مع إدارة التنفيذ بوزارة العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف، وتم تسليمنا قائمة قمنا بدراستها لاختيار من تنطبق عليهم الشروط، إذ تم اختيار الأشخاص ممن تجاوزت أعمارهم 60 سنة، ومن لم تتجاوز المبالغ المستحقة عليهم 1000 دينار، ومن صدرت بحقهم أوامر بالقبض أو منع السفر أو الحبس بسبب مديونيات مالية مدنية، ولا يشمل ذلك القضايا الجنائية.
كيف كانت ردود أفعال الأطراف المعنية (الدائن والمدين)؟
هناك عدد من الدائنين تنازل عن الفوائد القانونية، وذلك تخفيفا على الغارمين.
كذلك عندما علم أحد الدائنين بوفاة المدين، وافق على أن يسدد الصندوق جزءا من المبلغ وحسم ملف القضية.
وإحدى الحالات كانت لامرأة معسرة كبيرة في السن، إذ عبّرت عن سعادتها وتفاجئها من تكفل صندوق الزكاة بدينها، وشكرت القائمين على هذا المشروع والمتبرعين.
أحد كبار السن بمجرد اتصالنا به حضر فورا إلى الصندوق، إذ لم يصدق ما سمعه بالهاتف وأراد التأكد بنفسه وتمنى أن يُسدد دينه بسرعة كي ترفع عنه الإجراءات؛ لأن ظروفه المادية سيئة ويتخوف من القبض عليه، مع العلم أنه دائما كان يراجع لدى إدارة التنفيذ لإيجاد حل لتسوية ديونه.
كما أبدى عدد من الغارمين تخوفهم من الحضور لمكتب الباحثين القانونيين في إدارة التنفيذ لوجود أوامر قبض وإحضار وحبس بحقهم، ويتخوفون من القبض عليهم حال وجودهم في مبنى الوزارة، وتم طمأنتهم بأن هذه الإجراءات من أجل تسوية الديون وإغلاق الملف نهائيا والإجراءات المترتبة عليها، وثم حضروا وسُوّيت ديونهم وحسم الملف.
وأبدى أحد المعسرين سعادته لكونه سيرتاح من ديونه رغم إنها قليلة، فلا يوجد لديه دخل آخر سوى معاشه التقاعدي، في حين تفاجأ أحد الغارمين أن صندوق الزكاة والصدقات قد تكفل بديونه في ملفين تنفيذيين.
ومن جانبهم أبدى عدد من السادة المحامين سعادتهم بهذه المبادرة التي قام بها صندوق الزكاة والصدقات لما في ذلك من دور في تسوية ديون الغارمين.
كم يبلغ عدد المستفيدين من صندوق الزكاة والصدقات؟ وما أبرز مشاريعه؟
هناك حوالي 1600 أسرة مستفيدة من صندوق الزكاة سنويا، إضافة إلى مجموعة من الأسر المتعففة، ممن لا يملكون ما يستعينون به على الاكتفاء الذاتي، ويقوم الصندوق بصرف مبالغ شهرية لهم بحسب الميزانية المتوافرة، فضلا عن المساعدات العينية المتمثلة في الأجهزة الكهربائية مثل المكيفات والثلاجات والأفران وغيرها، والسلة الرمضانية التي قمنا بتوزيعها على عدد كبير من الأسر، والكوبونات، والحقيبة المدرسية التي ستُوزع مع بداية العام الدراسي، كما قمنا بالتزامن مع احتفالات مملكة البحرين بعيد الفطر السعيد، بتدشين مشروع (عساكم من عوادة)، إذ استفاد منه 400 مسن ومسنة، ويهدف المشروع إلى رسم الفرحة على وجوه كبار السن المدرجين في دور المسنين للرعاية النهارية أو الرعاية الدائمة، وذلك من خلال إهدائهم ما يعينهم على مشاركة الناس فرحة العيد، ويأتي ذلك ضمن استراتيجية الصندوق الرامية إلى تنويع مصارف الزكاة والصدقات، وترسيخ مفهوم فاعلية الزكاة والصدقات ودورها المهم في المجال التنموي على صعيد الفرد والمجتمع، والعمل على إحياء هذه الفريضة تطبيقًا وممارسة لتستفيد منها الشرائح المستحقة على اختلافها، عبر الهوية الجديدة التي أطلقها الصندوق من خلال إعادة صياغة استراتيجيته بناء على توجيهات القيادة الحكيمة، وبشكل يتماشى مع رؤية المملكة الاقتصادية 2030.
هل هناك مشاريع جديدة قادمة؟
لدينا مشروع يتمثل في الارتقاء بالأسر من حالة العوز للاكتفاء، وذلك من خلال تطوير إمكانياتهم ودعم المشاريع الصغيرة، حتى يكتفوا بذاتهم عن السؤال، إلى جانب عدد من المشاريع التي سيُعلن عنها لاحقًا.
أليس هناك توجه أو خطة للاستثمار وضمان استمرارية مشاريعكم؟
قدمنا مقترحا بتخصيص أوقاف لصندوق الزكاة؛ لأن الوقف يعني الاستمرارية في الإيرادات وبالتالي استمرارية المشاريع الخيرية، ولابد من التأكيد على أنه لا يمكننا بناء الأوقاف من الأموال الزكوية، وذلك أن الزكاة مصارفها محدودة وهي المصارف الثمانية التي سبق وأشرنا إليها.
هل هناك تنسيق بينكم وبين الجمعيات الخيرية؟
نحن نعمل بشكل تكاملي مع الجمعيات الخيرية، ونسعى إلى أن يكون هناك تعاون بين مختلف الجهات ذات الصلة لتحقيق مبدأ التكافل الاجتماعي، والمساهمة في تحقيق العيش الكريم للمواطن البحريني بالدرجة الأولى.
هل هناك تعاون بينكم وبين صناديق الزكاة الخليجية؟
نعم، هناك تعاون مستمر بالتنسيق مع الأمانة العامة لدول مجلس التعاون لوضع أهداف وخطط مشتركة مع صناديق الزكاة الخليجية، إذ تعقد اجتماعات دورية بيننا وبين لجنة المختصين من الأجهزة المسؤولة عن الزكاة بدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، فضلا عن الدورات التدريبية التي تنظمها الأمانة العامة لمنتسبي أجهزة الزكاة الخليجية.
ما الرسالة التي تود توجيهها في ختام الحديث؟
نود توجيه جزيل الشكر والعرفان إلى جميع المساهمين الذين بذلوا أموالهم في هذه المشاريع، كما أقدر لوزير العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف الشيخ خالد بن علي آل خليفة متابعته الحثيثة لعمل صندوق الزكاة والصدقات، والسعي الحثيث منه ومن الإدارة العليا بالوزارة إلى الإرتقاء بالصندوق إلى المستوى الذي يخدم المجتمع البحريني الكريم.
المصدر: سارة نجيب: