أفاد وكيل وزارة العدل والشؤون الإسلامية د. فريد المفتاح أن عددًا من نزلاء مؤسسات الإصلاح والتأهيل الذين يحملون أفكارا متطرفة راجعوا أنفسهم وتبين لهم الحق، بعد ان استفادوا من البرنامج الإرشادي الذي قامت به وزارة العدل في مؤسسات الإصلاح.
وأكد أن الوزارة أعدت استراتيجية متكاملة لتطوير وتحديث لغة الخطاب الديني لدى الخطباء والوعاظ التابعين للوزارة.
وفيما يتعلق بتوحيد خطبة الجمعة، لفت إلى أن الوزارة ارتأت ترك الحرية للخطباء مع وضع نماذج من الخطب للاسترشاد بها دون إلزام.
وذكر أن عدد الدعاة المرخص لهم من قبل الوزارة 219 واعظاً وواعظة، يقومون بتنفيذ الخطة الإرشادية.
وعن بناء دور العبادة، أوضح المفتاح أن الحكومة خصصت موازنة كبيرة لمشاريع دور العبادة ضمن الموازنة العامة للمشاريع الحكومية، حيث تم في غضون العشر سنوات الماضية انفاق ما يقارب 30 مليون دينار على بناء دور العبادة مناصفةً وبالتساوي بين المشاريع التابعة لإدارتي الأوقاف السنية والجعفرية.
-ما هي قراءتكم وتقويمكم للخطاب الديني في البحرين حاليًا؟ وما هي أبرز التحديات التي تواجهه حاليًا؟
انطلاقا من الانفتاح والتعايش الذي تتميز به البحرين، أعدت الوزارة استراتيجية متكاملة لتطوير وتحديث لغة الخطاب الديني تُعزز النظرة الملكية الثاقبة، حيث إن الوزارة وبالتنسيق مع الأطراف ذات العلاقة مثل المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، وإدارتي الاوقاف السنية والجعفرية مستمرة في تطوير وتدريب الخطباء والدعاة، وهناك ثمرات نلمسها في التغيير الملاحظ في لغة كثير من الخطباء اليوم، ما يؤكد الاهتمام الكبير الذي توليه القيادة الحكيمة في هذا المجال والذي أدى إلى تطور الخطاب الديني في البحرين.
ولدينا توجيه خاص من قبل صاحب الجلالة منذ توليه الحكم بضرورة تطوير الخطاب الديني ليواكب العصر بمستجداته، وقد أعدت الوزارة استراتيجية متكاملة لتطوير وتحديث لغة الخطاب الديني لدى الخطباء والوعاظ التابعين للوزارة تواكب رؤية سمو ولي العهد 2030 وتتناغم مع أهدافها المستقبلية.
وتابع: وقطعت الوزارة شوطًا كبيرًا في تدريب الخطباء والوعاظ داخل وخارج البحرين، فهناك المعاهد التابعة للوزارة، وهناك برامج التدريب والدورات المتخصصة. إضافة إلى إيفاد العديد من الوعاظ والخطباء خارج البحرين سنوياً، حيث تم إيفاد عدد منهم إلى المملكة الأردنية الهاشمية الشقيقة للتدريب على مضمون رسالة عَمَّان الهادفة إلى نشر الوسطية وتعزيز مسيرة الوحدة الإسلامية ونبذ الفرقة والخلاف، كما نستفيد من خبرات الأزهر الشريف، ونفيد من تجربة المملكة المغربية في تنظيم الشأن الديني ومن الدروس الحسنية بالمملكة المغربية الشقيقة، ولدينا مذكرة تعاون مع المملكة العربية السعودية الشقيقة وقد حضر عدد من الخطباء برامج متخصصة بجامعة الأمير نايف للعلوم الأمنية، لكسب الخبرات والمهارات اللازمة في موضوع المصالحة والتناصح، وكل ذلك يصب في تعزيز مسيرة تطوير الخطاب الديني، هذا بالإضافة للمطبوعات التي تصدرها الوزارة من كتب وخطب ومؤلفاتٍ شرعية ووعظية يستفيد منها الواعظ والخطيب لصقل موهبته ووظيفته.
– الفكر المتطرف في المجتمع.. ما السبيل لمواجهته؟ وهل هناك إمكانية لتنظيم لقاءات فكرية مع من يحملون فكرًا متطرفًا بهدف مراجعة أفكارهم ومواقفهم؟
ما تتميز به مملكة البحرين من انفتاح وتطور وتعدد ثقافي كانت في منأى عن الأفكار الإرهابية المتطرفة، ومعلومٌ أن السبيل الأنجع لمواجهة الفكر المتطرف يكون بنشر الفكر الوسطي من خلال الخطاب الديني المعتدل الذي يتبنى الوسطية نهجًا للحياة، فالفكر لا يواجه إلا بفكر يعريه ويقضي على حججه الواهية وذلك يتطلب منهجية متكاملة لنشر الوعي والعلم الصحيح ووسطية الفكر والفهم والتطبيق، والوزارة تقوم بعقد العديد من المؤتمرات والندوات وتنظيم العديد من البرامج التوعوية والتثقيفية والإرشادية بهذا الخصوص. كما تعمل على نشر الفكر الوسطي من خلال المؤسسات التابعة لها من معاهد العلوم الشرعية ومراكز تحفيظ القرآن الكريم ومراكز رعاية الأجيال ومراكز توعية الجاليات، وتعقد الكثير من اللقاءات بهدف مناظرة الفكر المتطرف والقضاء على حججه الواهية.
– وهل يتم تنظيم لقاءات فكرية مع المسجونين ممن يحملون أفكارًا متطرفة أو ارتكبوا أعمالًا إرهابية ويقضون عقوبات بالسجن بهدف مراجعة أفكارهم؟ وهل أسفرت عن نتائج؟
هناك برامج متخصصة تعدها الوزارة بالتنسيق مع وزارة الداخلية تستهدف هذه البرامج نزلاء مؤسسات الإصلاح والتأهيل ودور رعاية الأحداث. ويقوم الوعاظ التابعون للوزارة بتنفيذ برامج إرشادية وتوجيهية لنزلاء هذه المؤسسات. وهذه البرامج والفعاليات التي بدأت منذ العام 2001م هي برامج مستمرة وممنهجة وتغطي أربع فئات رئيسة هي: «فئة أصحاب الفكر المتطرف، وفئة الجاليات، والفئة العامة، وفئة الأحداث»، ولكل فئة فريق متخصص من الوعاظ من ذوي الخبرة والكفاءة، حيث يهدف البرنامج الإرشادي في مؤسسات الإصلاح والتأهيل إلى نشر الوعي بين هؤلاء النزلاء ونشر الفكر الوسطي بينهم وتصحيح المفاهيم المغلوطة التي شوهت صورة الإسلام في أذهانهم وانحرفت بسلوكهم. ولا شك أن عددًا من هؤلاء راجعوا أنفسهم وتبين لهم الحق الذي يمثل وسطية الإسلام وعادوا إلى جادة الطريق، ولاشك أيضًا أن البحرين بحكم انفتاحها وطبيعة مجتمعها المتعدد الثقافات والديانات والمذاهب لم ينلها الكثير من آثار الفكر المتطرف، فعدد قليل ممن تبنوا الفكر المتطرف تراجع معظمهم من خلال اللقاءات والمناقشات الهادفة، فالفكر المتطرف لم يكن ظاهرة في البحرين ولن يكون إن شاء الله، لما تتميز به مملكة البحرين من تنوع ثقافي وانفتاح فكري.
– توحيد خطبة يوم الجمعة في المساجد والاسترشاد بها يبدو أنها لم تلق التأييد أو القبول من جانب البعض. ما تعليقكم؟ وما هو أثر الخطبة على جموع المصلين؟
الخطبة من أهم وأخطر المؤثرات التي يمكن أن تشكل وعي المجتمع في أمور الدنيا والدين، فخطيب الجمعة يجتمع له الناس ويستمعون له وقتًا محددًا يتلقون من خلاله بكل شغف وترقب دون مقاطعة أو تشويش لما يقوله ذلك الخطيب، فأفكاره وتوجيهاته محل تقدير واستجابة من جموع الحاضرين لخطبة الجمعة. وهناك نماذج متميزة من الخطباء المؤثرين تأثيرًا إيجابيًا في توجيه الفكر والسلوك، وهناك كذلك من لا يحسنون استثمار هذه الخطبة من الخطباء المشوشين فكريًا أو الذين ينقصهم العلم أو الفهم الصحيح، لذلك فالخطبة مهمة وخطيرة وإعداد الخطيب وتدريبه يجب أن يكون من أهم الأولويات لهذه الأسباب، وأما توحيد الخطبة فهي مسألة اختلف فيها الناس بين مؤيد ومعارض وقد ارتأت الجهات المختصة ترك الحرية للخطباء مع وضع نماذج من الخطب للاسترشاد بها دون إلزام.
– كم يبلغ عدد الدعاة بالوزارة؟
يبلغ عدد الدعاة المرخص لهم من قبل الوزارة 219 واعظًا وواعظة، يقومون بتنفيذ الخطة الإرشادية التي أعدتها الوزارة في دور العبادة والمدارس ودور رعاية الوالدين والمراكز والأندية الاجتماعية، ومراكز الإصلاح والتأهيل والأحداث، والمجالس العامة وغيرها. وهناك برامج إرشادية موسمية كشهر رمضان المبارك وموسم الحج وعاشوراء، يغطي هذا العدد من الوعاظ كافة مناطق البحرين وفق جدول معتمد لذلك.
– هل هناك تعاون بين الشؤون الإسلامية وبين وزارتي التربية والتعليم والشباب في دحض الأفكار المتطرفة لبناء جيل يحمل أفكارًا وسطية ومعتدلة؟
هناك شراكة فعلية مستمرة بين وزارة العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف وبين وزارة التربية والتعليم. وقد بدأت هذه الشراكة منذ العام 2000 بلجنة مشتركة يمثلها أعضاء الشؤون الإسلامية وأعضاء من وزارة التربية والتعليم، حيث تقوم هذه اللجنة بدراسة الظواهر السلبية بين طلبة المدارس وتحديد الاحتياجات التوجيهية والإرشادية للطلبة وتنفيذ برامج توجيهية وإرشادية وتوعوية لطلبة وطالبات المدارس من خلال وعاظ تابعين لإدارة الشؤون الدينية بالوزارة.
كما نفذت الوزارة عددًا من المسابقات التي استهدفت توجيه وإرشاد الطلبة فكريًا وسلوكيًا بالتنسيق والتعاون مع إدارة الأنشطة الطلابية بوزارة التربية والتعليم، ولا زالت هذه البرامج الإرشادية والتوعوية مستمرة من خلال وعاظ وواعظات يتم تدريبهم وإيفادهم إلى المدارس بالتنسيق مع وزارة التربية والتعليم.
يضاف إلى ذلك، التعاون القائم بين وزارة التربية والتعليم وبين إدارة شؤون القرآن الكريم بالوزارة، من خلال برنامج رفع الكفاءة العلمية لمعلمي ومعلمات التربية الإسلامية بوزارة التربية والتعليم، حيث يهدف هذا البرنامج إلى تنمية الكوادر التعليمية وتوجيهها بشكل صحيح نحو الجودة والتميز في تعليم القرآن الكريم كمادة مستقلة، وقد جاءت فكرة البرنامج بمبادرة من سمو الشيخ عبدالله بن خالد آل خليفة رئيس المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية لاعتماد القرآن الكريم مادة مستقلة ضمن مناهج وزارة التربية والتعليم، وتم الاتفاق على تدشين برنامج رفع الكفاءة العلمية لمعلمي ومعلمات التربية الإسلامية في تدريس القرآن الكريم، حيث تم البدء من العام الدراسي 1999-2000 إلى العام 2005-2006 واستمرَّ قرابة الست سنوات، وكانت له ثمار ونتائج جيدة ما شجع المسئولين في وزارة التربية والتعليم ووزارة العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف والمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية على المضي قدماً في هذا البرنامج، كما ان الوزارة بصدد تدشين شراكات جديدة مع عدد من الوزارات والمؤسسات ومنها الشباب والرياضة والصحة وغيرها.
– وماذا عن التنسيق مع الأوقاف في مسألة توحيد الخطبة وتجاوز بعض الخطباء الخطاب المعتدل؟ هل وقف الخطباء عن إلقاء الخطبة هو الحل؟
كما ذكرت سابقًا هناك استراتيجية مستمرة لتطوير الخطاب الديني، إلى جانب وجود برامج تدريب مستمرة، وهناك جانب إجرائي من خلال القرار الوزاري الخاص بآداب الخطاب الديني حيث يتم التنسيق مع إدارتي الأوقاف لتدريب الخطباء ورصد تجاوزات بعضهم واستدعاء المتجاوزين منهم، وإشعارهم بتجاوزاتهم المؤثرة سلبًا على فكر وسلوك الناس، ثم بعد ذلك تتم عملية تنبيه المتجاوزين كتابيًا مرة ومرتين، ومن ثم إيقافهم إما إيقافًا مؤقتًا أو دائمًا في حال عدم استجابتهم وإصرارهم على نهج التشدد والطائفية وتعكير صفو وحدة المجتمع ونسيجه الوطني، وقد قامت الوزارة بالفعل خلال السنوات الثلاث الماضية، بإيقاف عدد من الخطباء بعد ثبوت تجاوزهم مع تكرار تنبيههم على أخطائهم، بل تم رفع بعض الأسماء التي ثبتت جنايتهم من خلال خطاباتهم إلى الجهات المختصة.
– هل هناك معهد لتخريج وتدريب الدعاة والخطباء تابع للوزارة؟ وما هو دوره؟
يوجد خمسة معاهد شرعية وخمس حوزات دينية تشرف الوزارة على مناهجها وتتابع مخرجاتها، كما يتولى المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية دعم هذه المعاهد والحوزات، وتهدف هذه المعاهد إلى تدريس العلوم الشرعية، وتنمية مهارات البحث العلمي وتأهيل دعاة يتميزون بسعة الأفق وصحة الفهم ووسطية الفكر، وتتابع الوزارة عمل هذه المعاهد ومخرجاتها ومدرسيها وتعمل دومًا على تطوير مناهجها ومقرراتها.
– ما هو دور الوزارة في العناية بدور العبادة؟
تحظى دور العبادة باهتمام كبير من قبل القيادة الحكيمة لما لها من دور كبير في تعزيز القيم الدينية السامية بين كافة أفراد المجتمع وإسهامها الفعال في تعزيز المواطنة الصالحة، وفي ظل المشروع الإصلاحي لحضرة صاحب الجلالة عاهل البلاد المفدى خطت الوزارة خطوات متسارعة لكفاية كل المناطق بالمساجد والجوامع والمآتم وغيرها من دور العبادة حتى لغير المسلمين، وتخصص الحكومة الرشيدة موازنة كبيرة لمشاريع دور العبادة ضمن الموازنة العامة للمشاريع الحكومية، أثمرت عن بناء وتشييد عشرات المساجد والجوامع والمآتم وصالات المناسبات، بتكلفة وصلت إلى عشرات الملايين، وفي غضون العشر سنوات الماضية أنفقت الوزارة ما يقارب 30 مليون دينار على بناء دور العبادة مناصفةً وبالتساوي بين المشاريع التابعة لإدارتي الأوقاف السنية والجعفرية.