العظات والعبر من الإسراء والمعراج
فضيلة الشيخ عدنان بن عبد الله القطان
21 رجب 1445 هـ – 2 فبراير 2024 م
————————————————————————–
الحمدُ للهِ الذي حضَّ على التقوى ووصَّى، وأحاطَ بكلِّ شيءٍ علماً وأحصى، وفضَّلَ أُمَّةَ محمَّدٍ صلى الله عليه وسلم على سائر الأُمَمِ كما هو مذكورٌ في القرآن قصَصَاً، وأسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، نحمَدُه سبحانه حمداً كثيراً يكونُ به مختصَّاً، ونشهدُ أن لا إلهَ إلا الله وحده لا شريك له، ونشهدُ أن نبينا محمداً عبده ورسوله الذي صار بالشفاعةِ العُظمى مختصَّاً، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه الذين نالوا بصحبته فضائلَ لا تُعدُّ ولا تُحصى.
أمّا بعد: فأوصيكم عباد الله ونفسي بتقوى الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)
معاشر المسلمين: ما من حادث من حوادث الإسلام، أو مناسبة من مناسباته إلا وتحمل في طياتها الكثير من الدروس والعبر، وهنا تظهر الحكمة من التذكير بهذه المناسبات، وهو أن يعيش المسلمون في ظلالها، ويستفيدوا من دروسها وعبرها، وليطبقوها في واقع حياتهم تطبيقاً عملياً. ومن بين المناسبات أو الأحداث البارزة في السيرة النبوية والتي يجب أن نقف عندها، حدث أو معجزة الإسراء والمعراج. فالإسراء يقصد به تلك الرحلة الليلية التي خص الله بها نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم، والتي بدأت من المسجد الحرام بمكة المكرمة إلى المسجد الأقصى ببيت المقدس. ويُقصد بالمعراج ما وقع عَقِبَ الإسراء من عروج وارتقاء في طباق السماوات حتى الوصول إلى مستوى تنقطعُ دونَه علوم الخلائق، ولا يعرف حقيقته وكنهه أحد إلا الله… ولقد أشار ربنا سبحانه إلى هذه المعجزة في سورتين مختلفتين، قال ربنا في أول سورة الإسراء: (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا، إنه هو السميعُ البصير) وفي سورة النجم قال سبحانه: (وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى * عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى * عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى * إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى * مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى * لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى) وفي ذلك إشارة إلى المعراج.
تأملوا عباد الله أول سورة الإسراء العظيمة، فقد تضمنت أموراً مهمة هي في غاية الأهمية، أما الأمر الأول: فقد اقتضت حكمة الله جل وعلا أن يكون بيت المقدس هو المحطةُ الأرضية الرابطة بين الأرض والسماء، وأن يكون المرورُ بهذه المحطة القدسية، والمرورُ بالمسجد الأقصى وبالأرض التي بارك الله فيها للعالمين أمراً مقصوداً، حيث بدأت رحلة الإسراء من المسجد الحرام وانتهت بالمسجد الأقصى، وفيه صلى النبي صلى الله عليه وسلم بإخوانه الأنبياء والمرسلين عليهم الصلاة والسلام إماماً، ثم عُرج به من المسجد الأقصى إلى سدرة المنتهى، وفي ذلك دلالة على ما لهذا البيت من مكانة وقدسية عند الله تعالى، وعلى ما ينبغي أن يوجد لدى المسلمين في كل عصر ووقت من الحفاظ على هذه الأرض المقدسة وحمايتها… وأما الأمر الثاني: فقد جاء في هذه الآية الربط بين المسجد الحرام والمسجد الأقصى، ودلالة هذا الربط بين المسجدين، كي يشعر المسلمون ويرتبط في وجدانهم أن لكلا المسجدين قدسيته ومكانته عند الله تعالى حتى لا يُفرطوا في أي منهما. ودلالة الربط بين المسجد الحرام والمسجد الأقصى، أن الأقصى آية في كتاب الله عز وجل وعقيدة من عقائد الإيمان، فمن فرَّط بالمسجد الأقصى أوشك أن يُفرِّط بالمسجد الحرام. لذلك على الأمة الإسلامية بأكملها أن تُدرك الأمر على حقيقته، وتُدرك أهمية فلسطين بأكملها في تاريخها وعقيدتها وفي حياتها كلها. فالربط بين المسجدين هو اختيار إلهي، وهو قدر ايماني يفرض على المسلمين أن يذكروا، ويتذَكروا في كل وقت وحين على أن معجزة الإسراء والمعراج، حدثت فوق أرض مباركة صارت اليوم تحت وطأة غيرهم، مما يفرض على الأمة الإسلامية حتى تعذر أمام الله، أن تبذل جهداً وعملاً متواصلاً لرد الكرامة، واستعادةِ المكان الذي شهد هذه الرحلة المباركة…
أيها المؤمنون: لقد علَّمتنا رحلة الإسراء والمعراج أنه بعد كل مِحنة منحة، فلقد تعرض نبيكم الكريم صلى الله عليه وسلم لمحن عظيمة لو تعرَّضت لها الجبال الصماء لاندكَّت مِن هولها، غير أن الله ألْهَمه الصبر، فقد توفي أبو طالب عم رسولنا صلى الله عليه وسلم، وتوفيت زوجه الكريمة خديجة، وهذه قريش قد سَدَّت في وجه رسولنا صلى الله عليه وسلم كل طرق الدعوة في مكة، وأبرمت حصاراً رهيباً ضد الدعوة الإسلامية ورجالاتها من كل جانب، فذهب حبيبنا الكريم صلى الله عليه وسلم إلى الطائف، لعله يجد نواة تساند دعوة الحق هناك، غير أنه صلى الله عليه وسلم لم يجد من قبيلتي ثقيف وهوازن غير الصد والإعراض، وأغروا سفهاءهم برسولنا صلى الله عليه وسلم، فوقفوا صفين وأخذوا يرمونه بالحجارة وبكلمات كلها سوء وسفه، ورجموا عراقيبه صلى الله عليه وسلم حتى اختضب نعلاه بالدماء، فاصطفاه الله لهذه الرحلة المباركة تكريماً لصبره عليه الصلاة والسلام..
عباد الله: ثم بدأت رحلة المعراج، وهو الصعود في الفضاء وتجاوز السماوات السبع،
وكان جبريل عليه السلام يطلب الإذن بالدخول عند الوصول إلى كل سماء، فيؤذن له وسط ترحيب شديد من الملائكة بقدوم سيد الخلق، وإمام الأنبياء صلى الله عليه وسلم، وفي السماء الدنيا الأولى، التقى صلى الله عليه وسلم بآدم عليه السلام، فتبادلا السلام والتحية، ثم دعا آدم له بخير… ثم صعد النبي صلى الله عليه وسلم السماء الثانية ليلتقي بعيسى ويحيى عليهما السلام فاستقبلاه أحسن استقبال وقالا: (مرحباً بالأخ الصالح والنبي الصالح) وفي السماء الثالثة، رأى النبي صلى الله عليه وسلم أخاه يوسف عليه السلام وسلم عليه، وقد وصفه عليه الصلاة والسلام بقوله: (وإذا هو قد أعطي شطر الحسن أي الجمال)
ثم التقى بأخيه إدريس عليه السلام في السماء الرابعة، وبعده هارون عليه السلام في السماء الخامسة، ثم صعد جبريل بالنبي صلى الله عليه وسلم إلى السماء السادسة لرؤية أخيه موسى عليه السلام، وبعد السلام عليه بكى موسى فقيل له: (ما يبكيك)؟ فقال: (أبكي، لأن غلاماً بعث بعدي، يدخل الجنة من أمته أكثر ممن يدخلها من أمتي).. يعني بذلك النبي وأمته.. ثم كان اللقاء بخليل الرحمن إبراهيم عليه السلام في السماء السابعة، حيث رآه مسنداً ظهره إلى البيت المعمور – كعبة أهل السماء- الذي يدخله كل يوم سبعون ألفاً من الملائكة لا يعودون إليه أبداً، وهناك استقبل إبراهيم عليه السلام النبي صلى الله عليه وسلم ودعا له، ثم قال له : (يَا مُحَمَّدُ أَقْرِئْ أُمَّتَكَ مِنِّيْ الْسَّلامَ وَأَخْبِرْهُمْ أَنَّ الْجَنَّةَ طَيِّبَةُ الْتُّرُبَةِ، عَذْبَةُ الْمَاءِ، وَأَنَّهَا قِيْعَانٌ،) وهي الأرض المستوية الخالية من الشجر) وَأَنْ غِرَاسَهَا: سُبْحَانَ الْلَّهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ ، وَلا إِلَهَ إِلا الْلَّهُ ، وَالْلَّهُ أَكْبَرُ) أي أن المؤمن يغرس فيها بقدر ما يعمل من الصالحات.
أيها المؤمنون: وبعد هذه السلسلة من اللقاءات المباركة، صعد جبريل عليه السلام بالنبي صلى الله عليه وسلم إلى سدرة المنتهى، وهي شجرة عظيمة القدر، كبيرة الحجم، ومن تحتها تجري الأنهار، وهناك رأى النبي صلى الله عليه وسلم جبريل عليه السلام على صورته الملائكية وله ستمائة جناح …ثم حانت أسعد اللحظات إلى قلب النبي صلى الله عليه وسلم، حينما تشرف بلقاء الله عز وجل والوقوف بين يديه ومناجاته، لتتصاغر أمام عينيه كل الأهوال التي عايشها، وكل المصاعب التي مرت به، وهناك أوحى الله إلى عبده ما أوحى، وكان مما أعطاه خواتيم سورة البقرة، وغفران كبائر الذنوب لأهل التوحيد الذين لم يخلطوا إيمانهم بشرك، ثم فرض عليه وعلى أمته خمسين صلاة في اليوم والليلة… وَعِنْدَمَا انْتَهَىَ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ الْلِّقَاءِ الإلَهِيِّ مَرِّ فِيْ طَرِيْقِهِ بِمُوْسَى عَلَيْهِ الْسَّلامُ، فَلَمَّا رَآَهُ سَأَلَهُ موسى (بِمَ أَمْرِكَ ربك؟) فَقَالَ لَهُ محمد (بِخَمْسِيْنَ صَلاةً كُلَّ يَوْمٍ فَقَالَ له مُوْسَىْ: (أُمَّتَكَ لا تَسْتَطِيْعُ خَمْسِيْنَ صَلاةً كُلَّ يَوْمٍ، وَإِنِّيَ وَالْلَّهِ قَدْ جَرَّبْتُ الْنَّاسَ قَبْلَكَ فَارْجِعْ إِلَىَ رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ الْتَّخْفِيفَ) فَعَادَ الْنَّبِيُّ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَىَ رَبِّهِ أَكْثَرَ مِنْ مَرَّةٍ يَسْتَأْذِنُهُ فِيْ الْتَّخْفِيفِ فَأَسْقطْ عَنْهُ بَعْض الْصَّلَوَاتِ حَتَّىَ وَصَلَ الْعَدَدُ إِلَىَ خَمْسٍ صَلَوَاتٍ فِيْ الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ ثُمَّ أَمْضَى الْلَّهُ عَزَّ وَجَلَّ الأمْرَ بِهَذِهِ الْصَّلَوَاتِ وَجَعَلَهَا بِأَجْرٍ خَمْسِيْنَ صَلاةً.
أيها المسلمون: وقد شاهد النبي صلى الله عليه وسلم في هذه الرحلة الجنة ونعيمها، كما وقف صلى الله عليه وسلم على أحوال الذين يعذبون في نار جهنم، وفي تلك الرحلة جاءه جبريل عليه السلام بثلاث أواني، الأول مملوء بالخمر، والثاني بالعسل، والثالث باللبن، فاختار النبي صلى الله عليه وسلم إناء اللبن فأصاب الفطرة، ولهذا قال له جبريل عليه السلام: (أما إنك لو أخذت الخمر غوت أمتك)
ورأى النبي عجائباً وغرائباً
تعلو على الأوصاف والإطراء
فلقد رأى جنات عدن عينها
مأوى التقاة وموطن الصلحاء
ورأى جهنَّم في بشاعة شكلها
دار العصاة ومدمني الأخطاء
عباد الله: وبعد هذه المشاهدات، عاد النبي صلى الله عليه وسلم إلى مكة، وأدرك أن ما شاهده من عجائب، وما وقف عليه من مشاهد لن تتقبله عقول أهل الكفر والعناد، فأصبح مهموماً حزيناً، وأخبرهم بالخبر فصاحوا به متعجبين ووقفوا ما بين مكذب ومشكك وساخر، وارتد أناس ممن آمنوا به ولم يتمكن الإيمان في قلوبهم، وفي ذلك الوقت انطلق نفر من قريش إلى أبي بكر الصديق رضي الله عنه يسألونه عن موقفه من الخبر، فقال لهم: (لئن كان قال ذلك لقد صدق) فتعجبوا وقالوا: (أو تصدقه أنه ذهب الليلة إلى بيت المقدس وجاء قبل أن يصبح) فقال: نعم إني لأصدقه فيما هو أبعد من ذلك، أصدقه بخبر السماء في غدوة أو روحة) فأطلق عليه من يومها لقب (الصديق) رضي الله عنه وأرضاه، وجمعنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وإياه.
اللَّهمَّ إنِّا نسألُكَ إيماناً لا يَرتدُّ، ونَعيماً لا ينفدُ ومُرافقةَ نبيِّكَ محمَّدٍ صلَّى اللَّه عليهِ وسلَّمَ في أعلى جنَّةِ الخلدِ برحمتك يا أرحم الراحمين.
نفعني الله وإياكم بالقرآن العظيم، وبهدي سيد المرسلين، أقول ما تسمعون، واستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب وخطيئة فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية
الحمد لله العلي الأعلى؛ أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى؛ ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، ونشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبده ورسوله، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأزواجه وأصحابه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد فيا أيها المسلمون: وهكذا كانت رحلة الإسراء والمعراج، وفي هذه الرحلة العظيمة دروس وعبر، لعلنا نقف على شيء منها:
الدرس الأول: الإيمان بقدرة الله تعالى التي لا تحدها حدود، والتي أسرت برسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم عرجت به، ثم أعادته إلى بيت المقدس ليصلي إماماً بجميع أنبياء الله، تأكيداً لمقامه صلى الله عليه وسلم ثم رجعت به إلى بيته في مكة المكرمة، ليجد فراشه لا يزال دافئاً. فقد أوقف الله تعالى له الزمن، وطوى المكان، ولا يقدر على ذلك إلا رب العالمين. وهنا يجدر التأكيد على أن كلاً من الزمان والمكان هو من خلق الله عز وجل، وأن الله تعالى قادر على إيقاف الزمن، وعلى طي المكان لمن يشاء من عباده، والله على كل شيء قدير.
الدرس الثاني: أن الإيمان برحلة الإسراء والمعراج، جزء من عقيدة المسلم، ذلكم أنه إحدى المعجزات التي أيد الله بها نبيه عليه الصلاة والسلام، والإيمان بالمعجزة، جزء من العقيدة الإسلامية، وهو امتحان لإيمان المؤمنين وارتياب المنافقين والمشككين، ولهذا ارتد من ارتد عن الدين، لضعف إيمانهم وقلة يقينهم، وفاز بالصدق والصديقية، أبو بكر رضي الله عنه فسمي صديقاً، لإيمانه وتصديقه الجازم، بمعجزة الإسراء والمعراج، وهكذا الصحابة الكرام، ممن امتحن الله قلوبهم بالتقوى ففازوا بالإيمان الراسخ والعقيدة الثابتة.
الدرس الثالث: لطف الله تعالى بعباده ونصرته لأوليائه والدعاة إلى سبيله، فقد جاءت رحلة الإسراء والمعراج، بعد أن اشتد برسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته الأذى، فجاءت هذه الرحلة، تكريماً من الله تعالى لهم، وتجديداً لعزيمتهم وثباتهم على الدين وثقتهم بالله رب العالمين.
الدرس الرابع: أن الإسراء بالنبي صلى الله عليه وسلم، من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي كان بيد بني إسرائيل، فيه إشارة إلى أن النبي صلى الله عليه وسلم، سيرث قيادة الأمة، وسترث أمته هذه البلاد، وفي عروج الله تعالى بالنبي صلى الله عليه وسلم إلى السماوات العلى، ورفعه مكاناً علياً فوق جميع البشر، بشارة بأن الله عز وجل سيرفع كلمته، ويظهر دينه على الدين كله.
الدرس الخامس: أن في صلاته صلى الله عليه وسلم بالأنبياء جميعاً واقتدائهم به وهم في عالم البرزخ، إشارة إلى أنهم لو كانوا أحياء في الدنيا لم يكن في وسعهم إلا إتباعه، وكأن الأنبياء عليهم السلام، بصلاتهم خلفه يقولون لمن لم يتبعه من الملل الأخرى، إننا لو كنا أحياءً لاتبعناه، فما بالكم لا تتبعونه وهو بين أظهركم. الدرس السادس: أن في هذه الحادثة، دلالة على عظم شأن الصلاة، فقد اختصها الله من بين العبادات بأن تفرض في السماء من فوق سبع سماوات، عندما كلم الله رسوله صلى الله عليه وسلم بدون واسطة، (إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كَتَاباً مَّوْقُوتًا) الدرس السابع: في رحلة الإسراء والمعراج ظهرت: أهمية المسجد الأقصى بالنسبة للمسلمين، فهو والله أمانة في أعناقهم حكاماً ومحكومين صغاراً وكباراً نساءً ورجالاً، إذ إنه مَسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعراجه إلى السماوات العلى وكان القبلة الأولى التي صلى المسلمون إليها في الفترة المكية، ولا تشد الرحال بعد المسجدين إلا إليه، يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم:(لا تُشَدُّ الرِّحَالُ إِلا إِلَى ثَلاثَةِ مَسَاجِدَ: الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، وَمَسْجِدِي هَذَا، وَالْمَسْجِدِ الأَقْصَى) وفي ذلك توجيه للمسلمين بأن يعرفوا منزلته وأهميته وأن لا يفرطوا فيه ويستشعروا مسئوليتهم نحوه، (وَقِفُوهُمْ إِنَّهُم مَّسْئُولُونَ)
نسأل الله تعالى أن يرد الأقصى للمسلمين وترفرف راية الإسلام مرة أخرى على القدس
الشريف بمنه وكرمه، وأن يجعله شامخاً عزيزاً عامراً بالطاعة والعبادة إلى يوم الدين اللهم أعزنا بالإسلام، وأعز الإسلام بنا، وردنا إلى دينك رداً صحيحاً جميلاً، اللهم هيئ لهذه الأمة أمر رشد يعز فيه أهل طاعتك، ويهدى فيه أهل معصيتك، ويؤمر فيه بالمعروف، وينهى فيه عن المنكر، يا ذا الجلال والإكرام.
اللهم أحفظنا بالإسلام قائمين واحفظنا بالإسلام قاعدين واحفظنا بالإسلام راقدين ولا تشمت بنا الأعداء ولا الحاسدين برحمتك يا أرحم الراحمين.
اللهم ووفق ولاة أمورنا، وفق ملكنا حمد بن عيسى وولي عهده رئيس وزرائه سلمان بن حمد، اللهم وفقهم لما تحب وترضى، وخذ بنواصيهم للبر والتقوى وهيئ لهم البطانة الصالحة الناصحة يا رب العالمين…
اللهم أصلح أحوال المسلمين في كل مكان، وألف بين قلوبهم، ووحد صفوفهم، وولي عليهم خيارهم.
اللهم كن لإخواننا المستضعفين في فلسطين وغزة ناصراً ومؤيداً ومعيناً، اللهم أفرغ عليهم صبراً واحقن دمائهم وفرج همهم ونفس كربهم، وانصرهم على القوم الظالمين،
اللهم واحفظهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم ومن فوقهم ونعيذهم بعظمتك أن يُغتالوا من تحتهم.
اللهم اغفر ذنوبنا واستر عيوبنا، ونفس كروبنا وعاف مبتلانا واشف مرضانا، واشف مرضانا وارحم والدينا، وارحم موتانا وارحم موتانا وشهدائنا برحمتك يا أرحم الراحمين.
الْلَّهُمَّ صَلِّ وَسَلَّمَ وَزِدْ وَبَارِكَ عَلَىَ سَيِّدِنَا وَنَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَىَ آَلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِيْنَ.
(سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ)