يُعدُّ مصحف البحرين أول مصحفٍ تطبعه مملكة البحرين من أصلٍ مخطوطٍ مملوكٍ للمجلس الأعلى للشئون الإسلامية، بخطِّ الخطاط العالمي الدكتور عثمان طه. بعد أن أمضى الخطَّاط أعواماً في خطِّه وكتابته ؛ حيث «وضع في مصحف البحرين خلاصة خبرته وتجاربه في خطِّ المصاحف».
حيث جاء الأمر السامي للعاهل المفدىملك مملكة البحرين مطلع شهر أغسطس 2013م بطباعة “مصحف البحرين الشريف” ليضيف إنجازا جديدا في سجل الخدمات التي قدمتها المملكة ولا زالت تقدمها في مجال العمل الإسلامي برمته ولحفظة وقراء كتاب المولى عز وجل بشكل خاص.
ويأتي المصحف الجديد وهو الأول من نوعه الذي يُنسب جهد تدشينه للبحرين، كتابة ومراجعة وطباعة، على غرار تلك المصاحف الشريفة المشهورة التي طُبعت في كبريات الدول الإسلامية في مصر والسعودية وغيرها، وكانت نبراسا هاديا لكل من يعمل في مجال العمل الإسلامي، وعكست اهتمام هذه الدول الرائدة ورعاية أجهزتها وقيادتها بالقرآن الكريم من حيث نشره وتعليمه وتلاوته.
وواقع الأمر أن “مصحف البحرين الشريف” لم يكن وليد اللحظة الراهنة، وإنما هو خلاصة جهد متواصل تبذله المملكة بتوجيهات كريمة من العاهل المفدى لأهل القرآن وحفاظه، خاصة بعد أن وصل عدد مراكز التحفيظ في البحرين إلى نحو 116 مركزا للذكور فضلا عن 69 مركزا للنساء بعدد طلاب إجمالي يصل إلى نحو 23 ألف طالب وطالبة، الأمر الذي كان له عظيم الأثر في إخراج المصحف الجديد إلى النور بعد أن مر بعدد من مراحل التجهيز والإعداد والتدقيق، وكانت سببا في أن يحظى بهذه الأهمية والعناية القصوى، ولعل ما يؤكد ذلك:
1 ـ تميز المصحف الجديد بسمات مختلفة عن غيره من حيث الطباعة والإخراج وما إلى ذلك، حيث زيدت المسافات بين أحرفه مما يساعد في إراحة الأعين الناظرة إليه وبما يسهل من قراءته ودراسة وحفظ آياته، وإضافة إلى أن مخطوطته هي نسخة مملوكة للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، وخُطت وصممت زخارفها خصيصا للبحرين، وستكون أصلا لطباعته وتداوله مستقبلا، فإنه سيجعل من المصحف المتداول في أيدي القراء والحفظة والمتعلمين نسخة بحرينية بالأساس ولأول مرة في تاريخها، مما سيضمن بالتأكيد من توزيعه وزيادة رقعة انتشاره وقفاً لله تعالى داخل البلاد وخارجها.
2 ـ مستوى الدقة والاحتراف الذي حظي به المصحف الجديد، حيث استغرقت عملية التنفيذ نحو عام ونصف العام منذ يناير 2012، وشُكلت لجنة عليا مكونة من 14 عضوا من كبار علماء القراءات والمتخصصين في الرسم والوقف والضبط وعد الآيات من عشر دول عربية وإسلامية للمراجعة والتدقيق، برئاسة فضيلة الشيخ الأستاذ الدكتور أحمد بن عيسى المعصراوي – رئيس شيخ عموم المقارئ المصرية، ورئيس لجنة مراجعة المصحف بالأزهر الشريف، بل وتمت دعوة الحفظة والقراء ورؤساء الحلقات للتدقيق بطريقة التهجي في مسجد الفاتح في نهاية مايو الماضي، الأمر الذي أتاح قدرا من المشاركة الشعبية الواسعة في عملية التنقيح والمراجعة، ومن ثم سيكفل إحداث تطور نوعي في دراسة العلوم الشرعية المرتبطة بكتاب الله داخل البلاد.
3 ـ الأثر القيمي، الديني والأخلاقي والاجتماعي، الذي يمكن أن ينتج عن طباعة مصحف شريف باسم المملكة، إذ لا يخفى ما قد يحدثه ذلك في نفوس النشء من جهة والكبار من جهة أخرى، فإضافة لتكريس الوعي والإدراك بأهمية القرآن في حياة الناس، وأنه يقع على رأس أولويات الدولة وضمن تصورات صانعي القرار بها، فإن للقرآن الكريم أثره الذي لا يُنكر في تقويم المجتمع وأفراده ودفعهم دفعا إلى المضي قدما في مسيرة التقدم والتطور التي اختطوها لأنفسهم وقوامها الأمن والاستقرار المجتمعي بعيدا عن بواعث ومسببات الإثم والشرور.
تم تحديث محتوى هذه الصفحة بتاريخ: 29-11-2021