خطبة الجمعة.. حرارة الصيف، دروس وعبر

حرارة الصيف، دروس وعبر

فضيلة الشيخ عدنان بن عبد الله القطان

13 محرم 1446هـ – 19 يوليو 2024 م

 

الحمد لله عم بجوده فأجزل، وأتم علينا النعم وأكمل، وأرخى علينا ستره فأسبل، ونشهدُ ألَّا إلهَ إلَّا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، لا يسأل عمَّا يفعل، ونشهد أنَّ سيدَنا ونبيَّنا محمداً عبدُ اللهِ ورسولُه، ذو الجبين الأزهر، والخُلُق الأكمل، صلى الله وسلم وبارك عليه، وعلى آله وأزواجه وأصحابه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.

أمّا بعد: فيا عباد الله أوصيكم ونفسي بتقوى الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)

معاشر المسلمين: لئن كان قدرنا ونصيبنا في مثل هذه الأيام الحارة من الصيف، أن ننال من الشمس الشيء الكثير، فديارنا حارة، وشمسنا لاهبة، لذا فإن كثيراً من الناس القادرين على السفر، يعدون العدة للفرار منها، ومن سمومها، ينشدون الراحة والأجواء المعتدلة، وإننا بهذه المناسبة فإننا لن نعدم فوائد وعبر نجتنيها  من هذا الحر،  ووقفات تأمل واعتبار نجدها في عجيب صنع الله عز وجل الذي أتقن كل شيء  وكل شيء عنده بمقدار، ولقد أخبرنا ربنا تبارك وتعالى أن من صنع أولي الألباب والعقول الوافرة، التفكر في خلق الله، والتأمل في آيات الله الكونية، قال سبحانه (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِّأُولِي الْأَلْبَابِ، الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَىٰ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَٰذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ) وإليكم عباد الله هذه الوقفات مع حر الصيف الشديد، لأخذ الدروس والعبر من هذه الظاهرة المتكررة:

الوقفة الأولى: من أين يأتينا الحر؟ وما مصدر هذه الأجواء الساخنة التي نكتوي بها في هذه الأيام… لعل كثيراً من المسلمين تخفى عليهم هذه الحقيقة التي أخبرنا عنها الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم بقوله: (اشْتَكَتْ النَّارُ إِلَى رَبِّهَا فَقَالَتْ: يَا رَبِّ أَكَلَ بَعْضِي بَعْضاً، فَأَذِنَ لَهَا بِنَفَسَيْنِ: نَفَسٍ فِي الشِّتَاءِ وَنَفَسٍ فِي الصَّيْفِ فَهُوَ أَشَدُّ مَا تَجِدُونَ مِنْ الْحَرِّ، وَأَشَدُّ مَا تَجِدُونَ مِنْ الزَّمْهَرِيرِ) فإذا كان هذا الحر الشديد، والشمس المحرقة، إنما هي نفس من أنفاس جهنم فيا ترى ما عذابها إذاً، أجارنا الله جميعاَ من جحيمها وعذابها؟

وهل تذكر العاصي لربه عز وجل تلك النار التي توقد وتغلي بأهلها حين أقدم على معصية الجبار سبحانه، مستهيناً بمولاه وجاحداً لنعمته عليه، ومتناسياً ما أعد من العذاب والنكال للعصاة، والمخالفين، والمجرمين، والمتكبرين.

الوقفة الثانية: هل استشعرنا عظم نعمة الله علينا حين يسر لنا من وسائل التبريد والتكييف ما تطمئن به النفوس، ونتقي بها أذى الشمس وسمومها، فشكرنا ربنا على ذلك وتركنا الإسراف في استعمال هذه الأجهزة؟

الوقفة الثالثة: إن كنا نستطيع اتقاء الحر والشمس في هذه الدنيا بما أتاح الله لنا من الوسائل والأجهزة، ويمكننا السفر إلى بلاد الاصطياف الباردة المنعشة اليوم، فسيأتي يوم شديد الحر عظيم الكرب، صح في الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يَعْرَقُ النَّاسُ يَومَ القِيامَةِ حتَّى يَذْهَبَ عَرَقُهُمْ في الأرْضِ سَبْعِينَ ذِراعاً، ويُلْجِمُهُمْ حتَّى يَبْلُغَ آذانَهُمْ.. وقال أيضاً في حديث الشفاعة الطويل الصحيح (أنا سيد الناس يوم القيامة، وهل تدرون مم ذلك؟ يجمع الله الناس الأولين والآخرين في صعيد واحد يسمعهم الداعي وينفذهم البصر وتدنو الشمس، فيبلغ الناس من الغم والكرب ما لا يطيقون ولا يحتملون فيقول الناس: ألا ترون ما قد بلغكم؟ ألا تنظرون من يشفع لكم إلى ربكم؟ فيقول بعض الناس لبعض: عليكم بآدم، فيأتون آدم عليه السلام، فيقولون له: أنت أبو البشر، خلقك الله بيده ونفخ فيك من روحه، وأمر الملائكة فسجدوا لك، اشفع لنا إلى ربك ألا ترى إلى ما نحن فيه؟ ألا ترى إلى ما قد بلغنا؟ فيقول آدم: إن ربي قد غضب اليوم غضباً لم يغضب قبله مثله ولن يغضب بعده مثله، وإنه قد نهاني عن الشجرة فعصيته، نفسي نفسي، نفسي، اذهبوا إلى غيري، اذهبوا إلى نوح، فيأتون نوحاً فيقولون: يا نوح إنك أنت أول الرسل إلى أهل الأرض، وقد سماك الله عبداً شكوراً اشفع لنا إلى ربك ألا ترى إلى ما نحن فيه؟ فيقول: إن ربي عز وجل قد غضب اليوم غضباً لم يغضب قبله مثله ولن يغضب بعده مثله، وإنه قد كانت لي دعوة دعوتها على قومي، نفسي نفسي نفسي، اذهبوا إلى غيري اذهبوا إلى إبراهيم، فيأتون إبراهيم فيقولون: يا إبراهيم أنت نبي الله وخليله من أهل الأرض اشفع لنا إلى ربك ألا ترى إلى ما نحن فيه؟ فيقول لهم: إن ربي قد غضب اليوم غضباً لم يغضب قبله مثله ولن يغضب بعده مثله، وإني قد كنت كذبت ثلاث كذبات ـ فذكرهن الراوي في الحديث ـ وَذَكَرَ قَوْلَهُ فِي الْكَوْكَبِ (هَذَا رَبِّي) و قَوْله لآلهَتِهِمْ (بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا) وقَوْله (إِنِّي سَقِيمٌ) ثم قال: نفسي نفسي نفسي، اذهبوا إلى غيري اذهبوا إلى موسى، فيأتون موسى فيقولون: يا موسى أنت رسول الله فضلك الله برسالته وبكلامه على الناس اشفع لنا إلى ربك ألا ترى إلى ما نحن فيه؟ فيقول: إن ربي قد غضب اليوم غضباً لم يغضب قبله مثله ولن يغضب بعده مثله، وإني قد قتلت نفساً لم أومر بقتلها، نفسي نفسي نفسي، اذهبوا إلى غيري، اذهبوا إلى عيسى ابن مريم، فيأتون عيسى فيقولون يا عيسى أنت رسول الله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه، وكلمت الناس في المهد صبياً اشفع لنا إلى ربك ألا ترى إلى ما نحن فيه، فيقول عيسى إن ربي قد غضب اليوم غضباً لم يغضب قبله مثله قط ولن يغضب بعده مثله، ولم يذكر ذنباً، نفسي نفسي نفسي اذهبوا إلى غيري اذهبوا إلى محمد، فيأتون محمداً صلى الله عليه وسلم فيقولون: يا محمد أنت رسول الله وخاتم الأنبياء، وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر، اشفع لنا إلى ربك ألا ترى إلى ما نحن فيه؟ فأنطلق فآتي تحت العرش فأقع ساجداً لربي عز وجل، ثم يفتح الله علي من محامده وحسن الثناء عليه شيئاً لم يفتحه على أحد قبلي ثم يقال: يا محمد، ارفع رأسك، سل تعطه، واشفع تشفع، فأرفع رأسي فأقول: أمتي يا رب، أمتي يا رب، أمتي يا رب. فيقال: يا محمد أدخل من أمتك من لا حساب عليهم من الباب الأيمن من أبواب الجنة، وهم شركاء الناس فيما سوى ذلك من الأبواب ثم قال: والذي نفس محمد بيده إن ما بين المصراعين من مصاريع الجنة كما بين مكة وهجر أو كما بين مكة وبصرى).

عباد الله: هل تذكرنا ذلك، وأعددنا لذلك اليوم عدته، (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ ۚ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ، يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَىٰ وَمَا هُم بِسُكَارَىٰ وَلَٰكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ) وصح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: تُدْنَى الشَّمْسُ يَومَ القِيامَةِ مِنَ الخَلْقِ، حتَّى تَكُونَ منهمْ كَمِقْدارِ مِيلٍ، فَيَكونُ النَّاسُ علَى قَدْرِ أعْمالِهِمْ في العَرَقِ؛ فَمِنْهُمْ مَن يَكونُ إلى كَعْبَيْهِ، ومِنْهُمْ مَن يَكونُ إلى رُكْبَتَيْهِ، ومِنْهُمْ مَن يَكونُ إلى حَقْوَيْهِ، ومِنْهُمْ مَن يُلْجِمُهُ العَرَقُ إلْجاماً. قالَ الراوي: وأَشارَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ بيَدِهِ إلى فِيهِ.

الوقفة الرابعة: هل الحر عائق عن طاعة الله، أم أن الصفوة من عباد الله يرون أن في الحر غنيمة لا تفوت؟ هذا معاذ بن جبل رضي الله عنه حين حضرته الوفاة لم يتأسف على مال ولا ولد، ولم يبك على فراق نعيم الدنيا، ولكنه تأسف على فوات قيام الليل، ومزاحمة العلماء بالركب، وعلى ظمأ الهواجر بالصيام في أيام الحر الشديد، ويقول أبو الدرداء رضي الله عنه موصياً أحبابه: صوموا يوماً شديداً حره لحر يوم النشور، وصلوا ركعتين في ظلمة الليل لظلمة القبور… وحين يخرج المصلي إلى صلاة الظهر أو العصر فيرى الشمس اللاهبة ويحس بالحر اللافح، ولكنه يطمع في رحمة رب العالمين ويدخر هذا المخرج عند الله في يوم لا ينفع فيه مال ولا بنون، إلا من أتى الله بقلب سليم

الوقفة الخامسة: هذه الشمس بضخامتها ولهبها المحرق تسجد بين يدي ربها مطيعة مذعنة كما ثبت في الحديث الصحيح، وذلك قوله تعالى: وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَّهَا ۚ ذَٰلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ) وصدق الله العظيم: (تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ ۚ وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ، وَلَٰكِن لَّا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ ۗ إِنَّهُ كَانَ حَلِيماً غَفُوراً)

لقد استجاب الكون كله لله الأرض والسماء، النجوم والأشجار، الجبال والبحار، الزروع والأنهار، الكل لبّى مطيعاً مذعنًاً خاشعاً خائفًاً مسبحاً لله، فعلام يتكبر بعض بني آدم عن الخضوع والسجود لربهم، طاعة له، وامتثالاً لأمره، قبل أن يحال بينهم وبين السجود لله عز وجل.

نسأل الله عزّ وجل أن يوقظ قلوبنا، وأن يصلح نفوسنا، وأن يجعلنا من عباده المعتبرين المتبصرين.

نفعني الله وإيّاكم بالقرآن العظيم، وبهديِ سيد المرسلين، أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيمَ الجليل لي ولكم ولسائرِ المسلمين من كلّ ذنبٍ وخطيئة فاستغفروه، وتوبوا إليه، إنّه هو الغفور الرحيم.

 

 

الخطبة الثانية

الحمد لله حمد الشاكرين، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له إله الأولين والآخرين، ونشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبده ورسوله أفضل الأنبياء والمرسلين، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.

أما بعد فيا أيها المسلمون: يتحدث علماء الطبيعة  اليوم، عَمّا يُسمَّى بالاحتِباسِ الحرَارِيّ في الأرض، ويَنسَى هؤلاءِ أنَّ الأمرَ كلَّه للهِ وبيدِه، يُقلِّبه كيف يَشاء، فعلى العباد أن يعلَموا أنَّ الأَرضَ اليومَ تعُجُّ بمعاصِي العِباد وبمخالَفَتهم لمنهجِ الله عز وجل، وأنَّ الظلمَ قد سَادَ كَثيراً من مواطن الخَلقِ، وكثُر الهرجُ والمرج، واستُهينَ بِالدِّماء، واستُبيحَت الأعراضُ، وهُتِكت المقدَّرات من أقوياءِ الخَلق على ضُعفائهم، وارتكبت المحرمات، وظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس، فابتلاهم الله بالعقوبات المتنوعة وبالأمراض والأوجاع  التي لم تكن في أسلافهم الذين مضوا، (أَوَلَا يَرَوْنَ أَنَّهُمْ يُفْتَنُونَ فِي كُلِّ عَامٍ مَّرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ لَا يَتُوبُونَ وَلَا هُمْ يَذَّكَّرُونَ) فعلى الخلق جميعاً أن يعودوا إلى الله عز وجل، وأَن تعلَمَ البشريّةُ أنها عِبادٌ مِن عِبادِ الله، ارتَضَى الله لها الإسلامَ دينًاً ومحَمّداً  نبيًّاً ورسولاً، ولا يُصلِح فسادَ مَعَاشِهم وآخِرَتهم إلاّ هذا الدينُ الذي جاءَ بِه النبيُّ الأكرم محمّد عليه أفضل الصلاة والسلام، وإلاّ فلتَعلَم البشريّةُ أنَّ سنّةَ الله ماضِيةٌ، وقدرتَه شامِلَة، وانتقامَه شديد، ممن خالفه وعصى أمره، وصدق الله العظيم حيث يقول:(فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنبِهِ ۖ فَمِنْهُم مَّنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُم مَّنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُم مَّنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُم مَّنْ أَغْرَقْنَا ۚ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَٰكِن كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ) وقال تعالى: (ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) ذَكَر المفسّرون في قصّة قوم شعَيب عليه السلام عن ابنِ عباس وغيره  رضي الله عنهم، عند قولِهِ تَعَالى: (فَأَخَذَهُمْ عَذَابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ إِنَّهُ كَانَ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ) قال: أرسَلَ الله إليهم سَموماً من جَهنّمَ، فأَطافَ بهم سبعةَ أيّام حتى أنضَجَهمُ الحرُّ، فحَمِيَت بيوتهم وغَلَت مياههم في الآبار والعيون، فخَرَجوا من منازلهم هارِبين والسَّموم معهم، فسلَّط الله عليهم الشَّمسَ من فوقِ رؤوسهم فغَشِيَتهم، وسلَّط الله عليهم الرَّمضاءَ مِن تحتِ أرجُلِهم حتى تساقَطَت لحومُ أرجُلِهم، ثم نَشَأت لهم ظُلّة كالسّحابة السوداءِ، فلمّا رَأَوها ابتَدَروها يستغيثونَ بظلِّها، فوجَدوا لها برداً ولذّةً، حتى إذا كانوا جميعاً تحتَها أطبقَت عَلَيهم وأمطَرَت عليهم ناراً فهلَكوا، ونجّى الله شعيباً والذين آمنوا مَعَه… فيا من لا يطيقون حرارة الجو والصيف، يا من لا يتحمّل الوقوف في الشمس ساعة، كيف أنتم وحرارة جهنم؟ والله ثم والله، لسنا لها بمطيقين، فإن حرَّها شديد، وقعرها بعيد، ومقامعها حديد، صح في الحديث عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: يُؤْتَى بأَنْعَمِ أهْلِ الدُّنْيا مِن أهْلِ النَّارِ يَومَ القِيامَةِ، فيُصْبَغُ في النَّارِ صَبْغَةً، ثُمَّ يُقالُ: يا ابْنَ آدَمَ، هلْ رَأَيْتَ خَيْراً قَطُّ؟ هلْ مَرَّ بكَ نَعِيمٌ قَطُّ؟ فيَقولُ: لا واللَّهِ يا رَبِّ، ويُؤْتَى بأَشَدِّ النَّاسِ بُؤْساً في الدُّنْيا مِن أهْلِ الجَنَّةِ، فيُصْبَغُ صَبْغَةً في الجَنَّةِ، فيُقالُ له: يا ابْنَ آدَمَ، هلْ رَأَيْتَ بُؤْساً قَطُّ؟ هلْ مَرَّ بكَ شِدَّةٌ قَطُّ؟ فيَقولُ: لا واللَّهِ يا رَبِّ، ما مَرَّ بي بُؤْسٌ قَطُّ، ولا رَأَيْتُ شِدَّةً قَطُّ.) اللهم يا سامع الصوت، ويا كاسي العظام لحماً بعد الموت! نسألك أن تجعلنا من أهل الجنة، (الذين لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) وأن تعتق رقابنا من النار، اللهم أعتق رقابنا، ورقاب آبائنا، وأمهاتنا، وأزواجنا، وأولادنا وذرياتنا، وأقاربنا، وذوي أرحامنا، ومن له حق علينا، ومن

أحبنا فيك، ومن أحببناه فيك، اللهم أعتق رقابنا جميعاً من النا ريا ذا الجلال والإكرام.

رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَاماً، إِنَّهَا سَاءَتْ مُسْتَقَرّاً وَمُقَاماً..

 اللَّهُمَّ إِنِّا نسْأَلُكَ الجَنَّة وَمَا قَرَّبَ إِلَيْهَا مِنْ قَوْلٍ وَعَمَلٍ وَنعُوذُ بِكَ مَنَ النَّارِ وَمَا قَرَّبَ إِلَيْهَا مِنْ قَوْلٍ وَعَمَلٍ.  اللَّهُمَّ أَظِلَّنِا تحت ظِلِّ عَرْشِكَ يَوْمَ لا ظِلَّ إِلاَّ ظِلُّكَ يا رب العالمين.

اللهم أعز الإسلام وانصر المسلمين، اللهم اجعل كلمتك هي العليا إلى يوم الدين، اللهم آمنا في وطننا وفي خليجنا واجعل هذا البلد آمنا مطمئنا سخاء رخاء وسائر بلاد المسلمين، اللهم وفق ولاة أمورنا، وفق ملكنا حمد بن عيسى وولي عهده رئيس وزرائه سلمان بن حمد، اللهم وفقهم لما تحب وترضى، وخذ بنواصيهم للبر والتقوى، وهيئ لهم البطانة الصالحة الناصحة يا رب العالمين. اللهُمَّ كن للمظلومين في فلسطين وغزة وفي كل

مكان، اللهمَّ اجعل لهم من كل هم فرجاً، ومن كل ضيق مخرجاً، ومن كل بلاء عافية.

اللهم احفظهم واحرسهم بعينك التي لا تنام، وأرزقهم الثبات والقوة والنصر والتمكين وبارك في إيمانهم وصبرهم وانصرهم على القوم الظالمين يا سميع الدعاء.

اللهم أحفظ بيت المقدس والمسجد الأقصى وأهله واجعله شامخاً عزيزاً عامراً بالطاعة والعبادة إلى يوم الدين.

اللهم اشفِ مرضانا، وعاف مبتلانا، وبلغنا فيما يرضيك آمالنا، واختم بالباقيات الصالحات أعمالنا.. اللهم اغفِر لآبائنا وأمهاتنا كما ربَّونا صغاراً، اللهم من كان منهما ميتًاً فأنزِل على قبره شآبيبَ الرحمات، وافسِح له في قبره مدَّ بصره، واجمَعنا به في جناتك جنات النعيم، من غير حسابٍ ولا عقابٍ، برحمتك يا أرحم الراحمين، ومن كان منهما حيًّاً فأطِل في عمره، وأحسن في عمله، واختِم لنا وله بخاتمة الإحسان برحمتك يا ذا الجلال والإكرام.

الْلَّهُمَّ صَلِّ وَسَلَّمَ وَزِدْ وَبَارِكَ عَلَىَ سَيِّدِنَا وَنَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَىَ آَلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِيْنَ.

(سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ)